إذا علمنا أن رمضان شهر الصوم والقيام وقراءة القرآن وشهر الرحمة والمغفرة، شهر لياليه أفضل الليالي وأيامه أشرف الأيام، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن فمن المناسب أن نقف مع أنفسنا وقفات نتأمل فيها ونلملم ونستجمع طاقاتنا حيث المحاسبة الدقيقة؛ فهو شهر البركات شهر الأمنيات شهر خصنا الله سبحانه وشرفنا بصيامه، كما نادانا بأشرف النداءات {يا أيها الذين آمنوا} نادى الله به عباده باسم الإيمان وهو أشرف نداء ينادى به العبد أي شرف بعد هذا الشرف وحقيقة علينا أن نكون حاضري الذهن في هذه الظرفية الزمنية المعقدة التي يمر فيها العالم أجمع بقلاقل ومحن وفتن وهرج ومرج وجوع لا بد لنا من أن نعلم يقينا أن العزة كل العزة والشرف كل الشرف هو بالاستقامة على منهج الله ورسوله؛ فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}. شهر رمضان ينمي هذه العزة حيث الإخلاص لله الواحد الذي يعلم السر وأخفى وقد تكفل الكريم الجواد القادر على كل شيء بثواب لمن صام وحديث {كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به} إن العظيم إذا جازى فهو يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة ومصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة شرع الله لعباده رحمة بهم وإحسانا إليهم وحماية لهم وجنة كما قال ابن القيم عليه رحائم الله المتتابعة. ويجب أن نعي وندرك أن العمل بلا إخلاص كجسد بلا روح لابد أن يعلم يقينا أن مدار قبول الأعمال على شرطين أساسيين أن يكون العمل خالصا لوجه الله لا رياء فيه ولا سمعة {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}. وثانيهما متابعة من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى عليه أفضل الصلاة والسلام؛ فبمتابعته تنال الجنة وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال {من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد} ونختم بأن المسلم الفطن لا بد له من سلاح قوي يعينه على كل عمل يوصل إلى الآخرة. إن الإعانة من الله والقادر هو الله والحافظ هو الله فالدعاء الدعاء في السجود بأن يعينك الله على ذكره وشكره وحسن عبادته.