اتسمت شهور ربيع هذا العام بأنها فترة اضطراب استثنائي للأسواق المالية في منطقة الخليج العربي، وقد أدى الاضطراب الإقليمي الذي أصبح يعرف باسم «الربيع العربي» إلى حركات تصحيحية حادة في أسواق الأسهم، وندرة في نشاطات الإصدارات الجديدة في أسواق الأسهم والسندات والصكوك. بيد أن هناك بادرة مشجعة، تتمثل في نهوض سريع نسبيا في أواخر الربع الأول من العام حيث عادت مؤشرات الأسهم إلى مستويات ما قبل الأزمة، وارتفعت أحجام التداول إلى أكثر من ذلك، وعادت إلى المستويات التي شهدتها في الربع الأول من عام 2010. ولكن، عقب هذا الانتعاش، انطوى ربع العام الثاني على صورة أكثر اهتزازا. وفي حين أن هناك تطورات إيجابية واضحة، خصوصا في سوق الصكوك؛ إلا أن الزخم الإيجابي تعرض تكرارا لضغوط، مفسحا مجالا لوضع يتسم بقدر أكبر من الركود وعدم الثبات. ويشير كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي التجاري الدكتور يارمو كوتيليني إلى أنه «في حين ظهرت توجهات إيجابية في بعض أجزاء من المنطقة، إلا أن الائتمان المصرفي في دول أخرى لا يزال ينافح الغرق في بيئة تتسم بازدواجية غريبة، إذ هناك زخم إيجابي جلي في الإقراض المصرفي في كل من عمان والمملكة العربية السعودية وقطر». وبلغت القيمة الإجمالية للإصدارات الأولية بالمنطقة في الربع الثاني من العام 346 مليون دولار، مقارنة مع 409.2 مليون دولار في الربع الثاني من العام الماضي. ومن الواضح أن تدفق إصدارات الأسهم الأولية بالمنطقة بعيد عن العودة إلى مستويات ما قبل الأزمة، أو حتى للمستويات التي شهدناها العام الماضي. ويتميز سوقا الأسهم السعودية وقطر بأنهما الأكثر مرونة بين أسواق المنطقة، حيث تراجعا بنسبة 0.1 % و 1.3 % على التوالي. وفقدت بورصتا دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين 7.1 % من رسملتيهما، في حين هبطت بورصة الأسهم العمانية بمعدل 10.2 %. ويقول كوتيليني «رغم أن أسواق السندات والصكوك قد نشطت بعد جمود، إلا أن زخم الربع الرابع من عام 2010 لم تتم مضاهاته بعد، على الرغم من المتطلبات التمويلية الكبيرة. وتميل أوضاع السوق إلى الاعتدال، مع مردودات منخفضة بمستوى قياسي وتقارب بين السندات والصكوك». يذكر أن المملكة هي الاقتصاد الإقليمي الوحيد الذي يشهد اتجاها إيجابيا في الائتمان للقطاع الخاص، حيث ارتفع بمعدل سنوي بلغ 7.8 % في شهر يونيو. ونما الائتمان المصرفي الكلي في المملكة بمعدل 7.2 % على أساس سنوي، مما يشير إلى تضاؤل دور الائتمان للقطاع العام الذي كان فيما سبق وخلال الأزمة المجال الرئيس لنشاط الإقراض. وفي حين تشهد قطر نموا سريعا في الائتمان المصرفي، إلا أن وتيرة هذا النمو تباطأت باستمرار خلال الشهور القليلة الأخيرة ليصل إلى 10.1 % على أساس سنوي في شهر مايو الماضي.