يفتح شهر رمضان الكريم كثيرا من العادات التي هي بمثابة سنن حميدة في التواصل والتقارب بين العائلات والأقارب، وتتجلى فضيلة التراحم في تلك الموائد الجماعية التي يدعى لها عدد من أفرادها، لتناول وجبة الإفطار في كل يوم بمنزل أحدهم، ويتم ذلك بشكل يومي فيما بينهم، حيث تنتشر هذه العادة عند بعض الناس في القرى والمدن الصغيرة، خصوصا أن التواصل يكون أسهل بين الجيران بعكس المدن الكبيرة، التي لا يعرف فيها الجار جاره بسبب نمط الحياة السريع. عبدالله الحربي يتمسك بتلك السنة «منذ تعلمنا الصيام وحتى الآن، نواظب مع جماعتنا وبعض جيراننا على هذه العادة، حيث يتولى إعداد الإفطار في كل يوم أحد الأقارب، وتتوالى بشكل دوري فيما بيننا، ونجد في هذه العادة فوائد كثيرة منها الأجر الكبير في إفطار الصائمين، وقوة التلاحم والترابط بين أبناء العمومة، إضافة إلى أن في ذلك ميزة تميزهم عن غيرهم، حيث أصبحت من طقوس رمضان التي لا يمكن تغييرها، لكنني تعلمت هذه العادة من والدي، رحمه الله، الذي أوصاني بالتمسك بها، وأنصح الجميع بزيادة التقرب إلى الله خلال هذا الشهر الفضيل، والتمسك بهذه العادة الحميدة». وأشار إلى أن الإفطار الجماعي لا يكلف شيئا «لأن الفطور معد سلفا وزيادة الكمية ليست عائقا أمام حضور الأقارب والأحبة، بل نسعد بذلك الحضور اليومي، خصوصا أنه يكون هناك تواصل بين كبار السن والشباب، وتبادل الحديث لما فيه من اكتساب الشباب بعض المسالك الحسنة». ويؤيد هذه العادة الشاب عبدالرحمن السعود «فمن فوائد الإفطار الجماعي الأجر في تفطير صائم إذا احتسب ذلك صاحب الدعوة، وألا يكون في ذلك إسراف ورمي للطعام في النفايات؛ لأن هذا التجمع زيادة للتآلف والتقارب بين الأقارب والأهل، وأن يكون الاجتماع على خير بزيادة الذكر، كما أن من فوائده أن صغار السن يتعودون على العادات الحميدة ومعرفة أهمية التواصل وفعل الفضائل». من جانب آخر يرى عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم الشيخ الدكتور خالد بن عبدالله المصلح أن ظاهرة الإفطار الجماعي في رمضان صورة من صور الإحسان، الذي يحقق جملة من الفضائل العبادية، والمقاصد الشرعية، ففيه من التآلف والاجتماع والتواد ما هو من أعظم المقاصد الشرعية، فضلا عن كونه مشتملا على إطعام الطعام للصائمين، وهذا فيه أجر عظيم وهو خير للإسلام.