من أعظم السذاجات التي قد أرتكبها اليوم أن أستهل هذا المقال بالسؤال عن حالك؛ فحتى الطفل الذي لم يبلغ الفطام يعلم يقينا أنك تعيش «عصرا» ذهبيا و«وقتا» نموذجيا و«عهدا» استثنائيا, أما ذلك الذي ما زال يتعاطى بودرة حليب الأطفال فهو يرفع أكف الضراعة لله بأن ينتقم منك بعد أن حرمته من حليبه بفضل مقاسمتك الصريحة لراتب والده, ذلك الراتب الذي أصبح لا يصل بأسرته لليوم الخامس من الشهر! عزيزي التاجر«غير المحترم» لست أعلم لماذا تصر على ترديد نفس «مبررات زيادة الأسعار» التي نسمعها دوما مذ وعينا الحياة؟ بل لماذا تصر على «تبرير» ارتفاع الأسعار من الأساس ما دام أحد لم يسألك عن ذلك؟ هل تعتقد أيها التاجر العزيز أن «زيادة الأسعار في بلد المنشأ» و«ارتفاع الأيدي العاملة» و«زيادة أجور الطاقة» و«سوء الأحوال الاقتصادية» و«تكاليف الشحن والنقل» ما زالت أعذارا سارية المفعول, خاصة أنك تستخدمها بالتناوب طوال أيام السنة؟ أم هل تعتقد أننا أغبياء بما فيه الكفاية وأنت تخرج لتبرر زيادة سعر «السكر» ب«ارتفاع أسعار المواد الأولية» إلا إذا كان «سكركم» يا عزيزي التاجر يتم استئصاله من بقايا الكعك! عزيزي التاجر «غير المحترم» يجب أن تعلم أن زيادة السعر بشكل مفاجئ أصبح موضة قديمة, بل قديمة جدا, فزملاؤك التجار غير المحترمين الآخرين «بطلوا» ذلك الأسلوب منذ زمن وابتكروا أساليب أكثر مكرا ودهاء كأن يلتزموا بالسعر القديم ثم ينقصوا كمية السلعة إلى النصف, أو كاستحداث عرض مغر لشراء قطعتين من المنتج بسعر معتدل مع العلم أن إحداهما ستنتهي صلاحيتها قبل أن يصل المستهلك إلى منزله؛ لذا لم يتبق لك سوى ابتكار طريقتك الخاصة لمواكبة زملائك الآخرين في ظل النوم العميق والهدوء القاتل الذي تنعم به الجهات الرقابية هنا! عزيزي التاجر «غير المحترم» بمناسبة الحديث عن الجهات الرقابية, هل أجد لديك جوابا صغيرا لسؤالنا الأصغر حول متى كانت آخر مرة شاهدت فيها أحدهم؟ أما نحن فلم نشاهدهم مطلقا ولكننا نقرؤهم دوما على أوراق الصحف!