حديثي لهذا اليوم سيكون عن معالي الدكتور مطلب بن عبدالله النفيسة، وزير الدولة. الدكتور شخصية مؤثرة في المشهد السياسي السعودي، خارجيا أو داخليا، فهو من ينسج الأنظمة والقوانين بعيدا عن أعين الإعلام رغم خبرته الطويلة في المنصب الحكومي «الحساس» والقريب من صناع القرار، مما يجعل بصماته واضحة في أغلب الأنظمة التي تقرها الدولة. وإن كان الكثيرون يشيرون إلى أن الدكتور عبدالعزيز الخويطر هو الوزير «الأخبر»؛ نظرا لخبرته الطويلة في مجلس الوزراء، وعمله وزيرا للمعارف حتى أصبح وزير دولة وينوب عن بعض الوزارات في حال تمتع بعض الوزراء بإجازتهم السنوية، إلا أن البعض يخفى عليه الأدوار الكبيرة التي يقوم بها النفيسة في العمل «خلف كواليس» العمل الحكومي وبالذات فيما يتعلق بالأنظمة نظرا لخبرته الكبيرة في هذا المجال، فكانت أول أعماله الوظيفية في مجلس الوزراء «مستشار قانوني»، ثم الحقبة الأبرز في شعبة الخبراء وهي ما يطلق عليها البعض «الذراع القانوني» لمجلس الوزراء، التي يتولى فيها دراسة الأنظمة ومراجعتها ورفعها لمجلس الوزراء قبل إقرارها والعمل عليها، حيث عاصر أبرز التحولات التي عاشتها الحكومة السعودية وبالذات في الشأن الداخلي. كما أن النفيسة يتربع على عضوية مجالس مهمة وحساسة: الخدمة المدنية، الخدمة العسكرية، مجلس البترول، المجلس الاقتصادي.. وغيرها من المجالس الأخرى، فكانت له بصمات واضحة؛ نظرا لتطلب أعمال مثل هذه المجالس إلى خبراء قانونيين، وكما هو معروف أن النفيسة له خبرة كبيرة ومعرفة بأغلب أنظمة الدولة، فهو «ما شاء الله» جوجل الأنظمة السعودية، وملم بأغلب الأنظمة والنواحي القانونية مما يمنع تناقض بعض الأنظمة أو تعارضها قدر الإمكان.. ولهذا فوجوده في أي مجلس يمثل إضافة كبيرة بالنظر إلى خلفيته القانونية والثقافية بناء على تجربته الطويلة داخل الأروقة الحكومية الكبرى. ومن الواضح أن ما ذكر في سيرته العملية لا يعد سوى أبرز المناصب التي تقلدها، إذ لا تخلو أغلب اللجان الوزارية التي تشكل من وجود اسمه أو حتى استشارته في بعض القضايا، وهذا ما يتبين في مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام وغيرها من اللجان التي تطرأ لموضوعات مختلفة وتحتاج لنظرة قانونية أو الاستئناس بتجارب سابقة، كما حدث عام 2003 عندما تم تشكيل مجلس الوزراء لجنة يرأسها النفيسة لدراسة فاعلية تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية، وضمت عددا من المتخصصين منهم الدكتور عبدالله العثمان مدير جامعة الملك سعود الذي كان وقتها وكيلا في التعليم العالي. ومن المفارقات أن الدكتور النفيسة كان يتولى الملف الحدودي للمملكة مع جاراتها، ولم أجد له حضورا إلا في ملف الحدود مع اليمن «فقد يكون له إسهام في أماكن أخرى لا أعرفها إلى الآن» فهو عضو اللجنة العليا لحل مشكلة الحدود بين المملكة واليمن، والتي آذنت بتطور العلاقات السعودية اليمنية إلى مستويات أفضل، بإمكان أي متشائم أو ناقم أو « ضايق صدره» أن يقول: ما في البلد إلا هالولد؟! بمعنى أدق قد يكون متعدد المهام ولكن في الأخير لا يمكن أن يعمل إلا بجهود الآخرين، وبقاؤه مع عبدالعزيز الخويطر في مجلس الوزراء مثلا ما هو إلا استثناء بالنظر إلى أعداد الوزراء والمسؤولين الذين مروا على تاريخ المملكة، فكثير من الوزراء تركوا مناصبهم ولا نجد لهم أي خبر، وهذا يؤكد أن القيادة ترى وتقيم من يمكن أن يستفاد من خبرته وعمله، «مع التحفظ الشديد الذي يبديه البعض على الخويطر مثلا أنه لا ينفق كثيرا!» لكن لا يمكن في الأخير تجاهل جهود العاملين مهما كانت الأخطاء.. فالحكمة تقول: الذي لا يخطئ هو من لا يعمل! مطلب النفيسة لم ينل القدر الكافي من الإعلام، ربما لأن طبيعة عمله لا تتطلب الظهور الدائم في التلفاز، بعكس الخويطر الذي ظهر وزيرا للمعارف، فكان قريبا من الإعلام والجمهور بشكل كبير، إضافة إلى كتبه وكتاباته الصحفية، رغم أنه في السنوات الأخيرة بدأ يختفي عن أضواء الإعلام، أما النفيسة فقلما تراه حاضرا في المناسبات الاجتماعية، فهو حريص على العمل، وكما يقول المقربون منه إنه في مجالسه الخاصة يبتعد كثيرا عن التطرق لطبيعة عمله، ويظهر نفسه الجاهل بالأخبار والمعلومات بينما هو أبرز مصدر لها! إنه الحرص على الإخلاص وسرية المعلومات، وهذا مما يؤكد تعجب البعض منه! فهو يميل للحديث عن الربيع والصقور والمقناص والأسماك وغيره ا من الموضوعات الجانبية التي قد لا تهم كبار المسؤولين، لكنه يفضل هذا الأمر على أن يكون مصدرا لإفشاء المعلومات، فلذلك نراه بعيدا عن الإعلام والتصريحات الرنانة، وينكب على عمله دون انتظار إشادة الصحف والإعلام على الرغم من توليه نيابة بعض الوزارات مثل البلدية والقروية، والتعليم العالي. فوائد من هذه الشخصية: الإخلاص في العمل - استثمار الخبرات - استشعار الأمانة وحفظ الأسرار - اعمل بصمت.. فسيسمعك العالم! - فكن رجلا إن أتوا بعده، يقولون: مر.. وهذا الأثر. مدونة عبدالله الخريف http://akhuraif.com/blog