أيقظ تصعيد الاشتباكات وأعمال العنف في منطقة أبيي، على الحدود بين شمال السودان وجنوبه، شبح المخاوف التي سبقت تقسيم البلاد، حول خطر اندلاع حرب أهلية جديدة يعزو الخبراء أسبابها إلى مطالب متزايدة نحو الأراضي والمياه التي تعتبر أكثر أهمية من النفط بالنسبة للمجموعات القبلية الرئيسية التي تقيم بالمنطقة. وتتكون أبيي من سكان لهم علاقات تاريخية مع كل من الجنوب والشمال تضمهم مصالح متنافسة على مصادر المياه الرئيسية، ومطالبات المراعي، والحدود غير الواضحة على مساحة 460 كيلومترا مربعا. وقد نصت اتفاقية السلام الشامل المبرمة في عام 2005 منهية أطول حرب أهلية في إفريقيا، على منح وضع خاص لمنطقة أبيي، ودعت إلى تأسيس وحدة متكاملة مشتركة تضم جنودا من الشمال والجنوب. وقبل تسعة أشهر فقط من تلك الاتفاقية، تم التوقيع على بروتوكول أبيي الذي أتاح للأهالي المقيمين التصويت في استفتاء حول مستقبل المنطقة. لكن النزاع حول حقوق التصويت بين قبيلة المسيرية والدينكا نقوك، أدى لتأجيل الاستفتاء إلى أجل غير مسمى. وقد تسبب توسع مساحة مناطق الزراعة الآلية في جميع أنحاء ولاية جنوب كردفان، حيث توجد منطقة أبيي، في الزحف على الأراضي الرعوية غير المستخدمة، في حين أدى تزايد قطعان الماشية لدى المسيرية ونقوك إلى تصاعد الضغوط على المراعي المتبقية. وتوجد أيضا قضية مياه نهر النيل التي تتدفق على طول نحو 6.700 كيلومتر عبر عشر دول في شمال شرقي إفريقيا، وتعتبر مصدرا حيويا خاصة بالنسبة لمصر والسودان. وهنا يبرز مصدر آخر للتوتر وهو نمو ظاهرة الاستيلاء على الأراضي، حيث يقوم رجال أعمال من بعض الدول العربية والصين بالاستثمار في الزراعة بالسودان، الأمر الذي يزيد من صعوبة المفاوضات على توزيع المياه واستخداماتها؛ لأن القضية ليست تنمية القطاع الزراعي السوداني، وإنما في قيام آخرين باستئجار الأراضي والمياه لإنتاج محاصيل زراعية يرسلونها إلى بلادهم. وأخيرا، من المرجح أن يكون كل شيء مصدرا للنزاع على الحدود خلال المرحلة الانتقالية في السودان.. كل شيء ليس المياه فقط، وإنما النفط والأرض وحركة السكان والمواشي أيضا. * وكالة إنتربرس سيرفس