الدعوة التي وجهتها سعوديات لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون طلبا لمساعدتها لهن على قيادة السيارة أمر يحتاج إلى النظر إليه من عدة زوايا، وليس فقط التوقف عند التوبيخ أو التشجيع، فقيادة النساء للسيارة في المملكة وإن بدت قضية هامشية إلا أنها تظل قضية يمكن استثمارها من أي جهة، ولهذا التوبيخ لن يجدي نفعا، فالعالم منذ فترة ليست بالقصيرة أصبح أكثر تداخلا، ولم يعد هناك قضايا يمكن لدولة ما أن تنفرد في حلها في إطار حدودها. مناشدة السعوديات للوزيرة الأميركية يجب أن يتم التوقف عندها كثيرا، فالكثير من الدول حول العالم فتحت عليها أبواب التدخلات الأجنبية من خلال قضايا هامشية، والسبب أن هناك طرفا شعر بالتهميش، وأن هناك تجاهلا لمطالبه، وهذا ما تظنه المطالبات حاليا، وفي قيادة النساء للسيارات يوجد خطابان، الأول الخطاب الرسمي الذي ترك القضية في عهدة المجتمع، وأن القبول بها من عدمه يعود له، فيما هناك الخطاب غير الرسمي المعارض بشدة، الذي يحاول أن يظهر بصورة الضاغط تجاه إبقاء الوضع على ما هو عليه، وهذا ما جعل تفسير إيحاءات الخطاب الثاني تقود إلى محاولة للاستقواء بالخارج. المرأة في المملكة بحكم النهضة التي شهدتها البلاد في مختلف المجالات، أصبحت قوة نشطة لا يستهان بها، بل تحولت إلى حافز لكثير من الرجال في قطاعات شتى إلى أن يجاروا الحركة النسائية المطالبة بالحقوق الوظيفية على سبيل المثال، ولهذا إبقاء التعامل معها كما لو كانت في المراحل السابقة أمر لن يوجد حلولا بقدر ما سيقود إلى أن تبحث المرأة السعودية عن حلول بديلة، وليس بالضرورة أن تكون الحلول التي تتجه لها رشيدة، فيما المسألة أهون من جعلها مادة للشد والجذب والتدخل.