أسدلت الحكومة المصرية أمس الستار على قضية «عقد توشكى» التي أثارت جدلا كبيرا خلال الأشهر الأخيرة بالتوقيع النهائي بين الحكومة المصرية ويمثلها وزير الزراعة الدكتور أيمن فريد أبو حديد وبين شركة المملكة وعنها الأمير الوليد بن طلال حيث شهد رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور عصام شرف مراسم التوقيع النهائي. ووفقا للاتفاق الجديد يخصص للشركة 25 ألف فدان من المساحة السابقة منها عشرة آلاف فدان مزروعة حاليا و15 ألفا باعتبارها حق انتفاع تؤول للشركة بعد إتمام زراعتها مع استرداد الدولة لمساحة 75 ألف فدان بعد إلغاء العقد القديم الذي وقع في ظل النظام السابق وبمقتضاه تم تخصيص 100 ألف فدان للشركة، حيث أبدى مجلس الدولة العديد من الملاحظات عليه لتضمنه شروطا مجحفة بحق مصر. ووصف الدكتور عصام شرف الاتفاق الجديد في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع الأمير الوليد بن طلال عقب التوقيع على العقد النهائي بأنه يعبر عن اهتمام الحكومة وحرصها أولا على تصحيح الأخطاء المرتبطة بالعقود والمعاملات التجارية والاستثمارية التي أبرمتها حكومات النظام السابق من أجل تلافي ما يمكن أن تتضمنه من إجحاف بحقوق مصر، وثانيا إعطاء دفعة قوية للاستثمار في مجال الزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر من الحبوب والمواد الغذائية. وأثنى رئيس الوزراء المصري على تفهم الأمير الوليد بن طلال أحد أكبر المستثمرين في العالم لوجهة النظر المصرية وحرصه على حل المشكلة بالطرق الودية بعيدا عن اللجوء إلى التحكيم الدولي، تقديرا منه لمكانة مصر وطبيعة الظروف التي تمر بها حاليا. وأكد الدكتور شرف أن توقيع عقد توشكى يمثل صياغة تعاقدية قانونية تعبر عن نهج الحكومة لتشجيع الاستثمارات العربية والأجنبية، وقال إن التسوية الودية جاءت كونها ثمرة أولى للجنة التسويات التي تم تشكيلها بموجب قرار من مجلس الوزراء، وسوف تتيح آلية لأي مستثمر الوسيلة الفعالة التي تحفظ حقوق المستثمرين، وحقوق الدولة وتنشأ علاقة مستدامة قائمة على أساس تشجيع الاستثمار، ودعم الاقتصاد الوطني وتوطيد العلاقات مع الأشقاء، وتأتي على رأسهم المملكة. وأكد رئيس الوزراء المصري أن من أهم الأهداف بعد ثورة 25 يناير هو جذب الاستثمارات العربية على أساس من الشفافية ووفقا لقواعد القانون المصري: «وأن التعاقد الذي تم بخصوص توشكى يؤكد حرص الاستثمار العربي على التفاعل الإيجابي مع مقتضيات ما بعد الثورة المصرية وحرصه على نجاحها وتحقيق أهدافها الاقتصادية وإصرارها على التواجد بالسوق المصرية». وبتوقيع العقد الجديد تسترد الحكومة المصرية 75 ألف فدان من الأرض التي كانت تتملكها شركة المملكة فيما كشفت مصادر بوزارة الزراعة المصرية أن تعديلات جديدة طرأت على العقد منها استبدال حق الانتفاع لمدة ثلاثة أعوام بدلا من 15 عاما، وفقا للاتفاق الإطاري بين الطرفين نهاية مارس الماضي. وقالت المصادر إن الزراعة ومجلس الوزراء أجريا تعديلا آخر على البند الخاص بالتحكيم الدولي، حيث كان العقد ينص على أن يلجأ أحد الطرفين إلى التحكيم الدولي حال نشوب أي نزاع، إلا أن التعديل الذي جرى أمس جعل التحكيم الدولي على عدة مراحل، تبدأ بالمحاكم المصرية ثم المركز المصري للتحكيم التجاري الدولي، وآخرها اللجوء للتحكيم الدولي .