كنت مخطوبة لشخص منذ خمس سنوات، وكنا في انتظار تحسن الأحوال حتى نتمم الزواج، وفجأة عقد قرانه على أعز صديقة لي، فأصبت بانهيار عصبي، وظللت أبكي وأدعو عليه في كل صلاة أن ينتقم الله منه أشد الانتقام، وأن يعاني مما أعاني. فهل هذا خطأ مني أعاقب عليه يوم القيامة؟ وهل إذا دعوت الله بكل اجتهاد أن يرجعه لي مرة أخرى أكون بذلك دعوت بالخراب على صديقتي التي كتب عليها دون الدخول بها؟ مع أني أدعو دائما الله ألا يجعل في قلبي غلا لها. أعلم -أختي الفاضلة- مدى عمق الجرح الذي سببه لك خطيبك السابق، وأكاد أشعر معك بنزيف مشاعرك على ذلك الذي أخلف وعده بالزواج، وطلق -دون مقدمات- خمس سنوات من انتظارك له، وذبح بسكين بارد أملا وحلما طال انتظاره. لا أريد أن أنكأ جرحك، أو ألمس عصبا حساسا في نفسك المكلومة، لكني -مع ذلك- أرى فيك -إن شاء الله- فتاة ذات دين، ونفسا لوامة نطقت بها سطورك، فرغم جرحك تخشين أن تكوني في ثورة غضبك قد وقعت في إثم الدعاء على هذا الشخص بغير حق، لذا فأنا على يقين من فضل الله عليك، وبأنه -سبحانه- سيكشف عن قريب غمتك، وسيفرج عاجلا كربتك، وستسعدين بما يخبئه لك الله الكريم. إن أعظم ما أعزيك به في بكاء فؤادك وحزن قلبك هو قول الله -عز وجل: «وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون». وأما الدعاء؛ فهو مفزع المظلومين، وملجأ المستضعفين، وأمان الخائفين، وسبب لدفع البلاء، ثم إن ثمرة الدعاء مضمونة؛ إذا أتى الداعي بشرائط الدعاء وآدابه، فإما أن تعجل له الدعوة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، وإما أن تدخر له في الآخرة. فما أشد حاجتنا إلى الدعاء! بل ما أعظم ضرورتنا إليه، لكن عليك أن تحذري من أن يشرع لسانك بلعن شخص أو شيء ما؛ فعن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن فإن كان لذلك أهلا وإلا رجعت إلى قائلها». فاللعن طرد عن رحمة الله، فمن طرد ما هو أهل لرحمته عن رحمته فهو بالطرد والإبعاد عنها أحق وأجدر، ومحصول الحديث التحذير من لعن من لا يستوجب اللعنة والوعيد عليه بأن يرجع اللعن إليه. أنصحك –إذن- بالدعاء بالصبر على ألمك، وأن يبدلك الله ويعوضك خيرا، كما أوصيك ألا تفكري ولا تسعي وراء شخص باع سنوات الانتظار الخمس، واسألي نفسك بصراحة هل يستحق إنسان بهذا الوضع -رغم تعلقك به- أن يشغل بالك بعد ذلك؟ أكثري اللجوء إلى الله، وبثي همك وشكواك إليه. المجيب: مصطفى محمد الأزهري مستشار اجتماعي