- في ويمبلي، استمتعنا بصفحة من صفحات الحضارة والثقافة الكروية الأوروبية التي يقودها برشلونة، فهذه الحضارة لم يجن ثمارها هذا الفريق الكتالوني، بل إن أكبر المستفيدين منها هو المنتخب الإسباني الذي أصبح بطل العالم ويمثله ثمانية لاعبين من برشلونة نقلوا فكر مدربهم ليصنعوا لغة رياضية جديدة لم يتغلب عليها إلا القليل وفي حالات خاصة جدا. - النهضة البرشلونية التي يقودها جوارديولا غيرت ملامح الفريق الذي بدأ يعود مع الهولندي ريكارد والساحر رونالدينهو عام 2003، لكن الخلافات التي غزت اللاعبين في غرفة الملابس والتي سخر منها البرازيلي أدميلسون في تصريح الخراف السوداء الشهير كادت تقتل هذه العودة، جاء جوارديولا بفكر فني غير برشلونة الذي كان يعتمد على المهارة والحلول الفردية كعامل أساسي إلى عامل جزئي للكرة الشاملة التي أظهرت مانشستر تحت قيادة الأسكتلندي الخبير فيرجسون وكأنه فريق تائه مكبل لا يعرف ماذا يفعل، فالتكتيك البرشلوني الذي يعتمد على الإنهاك الذهني للخصم بكثرة التمريرات والانتشار والسرعة، صنع فريق الأحلام الأعظم في تاريخ هذا النادي، هذا التكتيك لا يحتاج لمباريات حتى نفهمه، مجرد مباراة واحدة كفيلة بجعل من يتابع الكرة لأول مرة يستمتع بكافة مشاعره ويفهم ما يتحدث به الآخرون عن برشلونة. - أما من الناحية النفسية، فالروح الجماعية بات تأثيرها واضحا في الفريق والمنتخب الإسباني، هذه الروح التي يزرعها بيب في نفوس اللاعبين هي روح العائلة، والتي تساوي بين جميع اللاعبين وتوزع الثقة بينهم بشكل متساو، فلكل فرد أهميته وقيمته ومسؤوليته، حتى أصبح الفريق كتلة مشاعر لا يتخلى ولا يستعلي فيهم أي طرف على الآخر، ومثال هذه الروح هو ما قام به اللاعبون تجاه زميلهم المسلم أبيدال، قلدوه الكابتنية وجعلوه يرفع الكأس بكل فخر بعد معاناة مع السرطان كعربون إحساس بسيط لكفاحه، فهم يتألمون ويفرحون من أجله. - اليوم الكل يصفق لبرشلونة ويثني على بيب، ففريق واجه كل مشجعي العالم في ذلك النهائي متمنين خسارته هو فريق جدير بكل الاحترام ويحمل قدرا عاليا من المسؤولية، ومستقبله سيكون أكثر صعوبة ومتعة.