أظهر الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضعفا واضحا في تعامله مع الشرق الأوسط، ما أجبر العالم العربي لأن يدير له ظهره بازدراء ليبدأ التفكير في تشكيل مستقبله من دون التأثير الأمريكي. ولم يعد الناس يأبهون بما يقوله أوباما، الذي فشل في دعم «الثورات العربية» ما أفقد الأمريكيين آخر ما تبقى من ثقة في المنطقة. وفي الوقت الذي تحول فيه اللقاء بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن إلى مهزلة - وكان أوباما الحلقة الأضعف كالعادة - كان العرب يواصلون العمل الجاد لتغيير عالمهم، يتظاهرون ويموتون من أجل الحريات. وكان أوباما يدور في حلقة التغيير في الشرق الأوسط وحول دور جديد لأمريكا في المنطقة. وكان الأمر مثيرا للشفقة. «ما هو هذا الدور؟»، سألني صديق مصري في مطلع الأسبوع. «هل ما زلوا يعتقدون أننا نهتم بما يفكرون؟». لقد بقي أوباما صامتا عند رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، ولم يتحدث إلا قبل يومين فقط من رحيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وهو يلتزم الصمت الآن إزاء «مجازر النظامين السوري واليمني». لهذا فإن العرب والمسلمين في المنطقة باتوا يعتنون بشؤونهم، مثل تركيا التي تشعر بالغضب من الرئيس السوري بشار الأسد الذي لم يف بوعوده لتركيا بتحقيق الإصلاح، بل ولم يكن صادقا مع وزير الخارجية التركي في آخر لقاء حيث أكد أنه سيسحب جنود شقيقه ماهر من شوارع المدن، ولكن هذا لم يتحقق. وتمارس تركيا الآن ضغوطا على سورية، لأنها تخشى تدفق الأكراد على حدودها كما حصل مع الأكراد العراقيين عام 1991، ولا يستبعد أن تتدخل تركيا عسكريا داخل الأراضي السورية نحو القامشلي وحتى دير الزور لخلق ملاذات آمنة للهاربين من المدن السورية، فلا يتقدمون نحو الأراضي التركية. وأما المثال الأكثر وضوحا حول عدم اهتمام العرب بما يقوله أوباما فهو موقفه في زيارة نتنياهو، حيث غير مواقفه في خطب سياسية متتالية بما يتوافق مع رؤية نتنياهو. ولقد وقف أعضاء الكونجرس الأمريكي وصفقوا لنتياهو 55 مرة بحماسة فاقت تلك التي نراها في برلمانات العالم الأخرى. * كاتب بصحيفة «الإنتدبندنت» البريطانية