أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر، أمس، إحالة 190 شخصا قبض عليهم عقب أعمال العنف التي شهدها حي إمبابة في القاهرة وأسفرت عن سقوط 12 قتيلا، بينما دعا رئيس الوزراء المصري عصام شرف، أمس، إلى اجتماع طارئ للحكومة. كما أوضح تليفزيون الدولة أن شرف «قرر تأجيل زيارته إلى البحرين والإمارات التي كانت مقررة الأحد». وأعلن الجيش في بيان أن «المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرر إحالة جميع من تم إلقاء القبض عليهم في أحداث الأمس وعددهم 190 فردا إلى المحكمة العسكرية العليا لتوقيع العقوبات الرادعة على كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الوطن». فيما قررت الحكومة المصرية اتخاذ إجراءات راداعة بعد الاشتباكات، محذرة من أنها ستضرب بيد من حديد كل من يحاول العبث بأمن مصر. وقال المستشار عبدالعزيز الجندي وزير العدل، في مؤتمر صحفي عقب اجتماع طارئ للحكومة المصرية برئاسة رئيس الوزراء عصام شرف، إن «أحداث إمبابة التي جرت، أمس، تهدد كل إنجازات الثورة المصرية بل إن مصر أصبحت أمة في خطر». وأشار إلى أن الاجتماع اتخذ عدة إجراءات لحماية البلاد من هذا المخطط، منها التنفيذ الفوري لكل القوانين بما يضمن الضرب بيد من حديد لكل من يعبث بأمن الوطن، إضافة إلى تفعيل قوانين مكافحة الإرهاب. وأضاف الجندي أن الاجتماع قرر التنفيذ بكل حزم لقانون البلطجة، إضافة إلى قانونين لتجريم الاعتداء أو المس بدور العبادة، فضلا عن منع التجمهر أمام دور العبادة، واتخاذ الإجراءات التي تعيد الأمن والطمأنينة لكل أرجاء الوطن. وأكد أن الشعب المصري بكل أطيافه سيعمل مع الجيش والشرطة على إخفاق الثورة المضادة والمضي قدما بمصر للمكانة التي تستحقها، متوعدا أن الحكومة ستواجه بكل حزم وقوة كل من يحاول تهديد أمن مصر. وأشار الجندي إلى أن المجلس سيظل في حالة انعقاد مستمر. ويذكر أنه 12 شخصا قتلوا وأصيب 232 آخرون، مساء أمس الأول، في مواجهات بين مسلمين ونصارى في القاهرة، بحسب آخر حصيلة للتليفزيون الرسمي. وقال التليفزيون نقلا عن مسؤولين في وزارة الصحة، إن 12 شخصا قتلوا وأصيب 232 آخرون بجروح في تلك المواجهات التي جرت في حي إمبابة. وبحسب هؤلاء المسؤولين، فإن القتلى هم أربعة نصارى وستة مسلمين فيما لم يتم التعرف على جثتين. ووقعت المواجهات الرئيسية حول كنيسة في حي إمبابة هاجمها مسلمون مؤكدين أنهم يريدون تحرير امرأة نصرانية قالوا إنها محتجزة هناك بعدما أرادت اعتناق الإسلام. وأحرقت كنيسة أخرى في هذا الحي الذي نشرت فيه قوات كبيرة من الجنود ورجال مكافحة الشغب. وتعهد الجيش بتطبيق صارم للقانون على مثيري الشغب وبإصدار عقوبات شديدة ضدهم. وقالت مصادر أمنية إن قوات الأمن بالتعاون مع القوات المسلحة أغلقت كل المداخل المؤدية إلى منطقة إمبابة وتم تنفذ عمليات تفتيش دقيقة جدا، مع الكشف على الهويات منعا لدخول أعداد من السلفيين أو النصارى المتشددين إلى المنطقة بعد علم الأجهزة الأمنية بقدوم أعداد كبيرة منهم. وأضافت أنه تم توقيف العشرات على خلفية الحادث. وتبادل النصارى والمسلمون الاتهامات بمحاولة اعتداء كل منهما على الآخر، حيث قال نصارى إن سلفيين ألقوا زجاجات حارقة «مولتوف» عليهم، «ما أدى إلى احتراق مدخل الكنيسة وبعض الواجهات»، فيما قال سلفيون إن النصارى هم من ألقوا بتلك الزجاجات عليهم. وكان شهود عيان قالوا إن مسلمين اعتلوا أسطح المنازل المحيطة بالكنيسة، فيما صعد الأقباط لسطح الكنيسة، وتبادل الطرفان إطلاق النار. وفي وقت لاحق، ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن مجهولين أشعلوا النيران في كنيسة أخرى بمنطقة إمبابة، هي كنيسة العذراء، ثم لاذوا بالفرار. وتمكن رجال الإطفاء والقوات المسلحة الذين هرعوا إلى المكان من إخماد الحريق الذي أتى تقريبا على كل محتويات الكنيسة. وتشهد مصر منذ أشهر تصعيدا في التوتر بين النصارى والمسلمين يغذيه الجدل حول نساء قبطيات رغبن في اعتناق الإسلام، لكن الكنيسة القبطية تحتجزهن. ونظمت تظاهرات عدة تلبية لدعوة سلفيين في الأسابيع الأخيرة للمطالبة «بالإفراج» عن كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين وهما زوجتا كاهنين تحتجزهما الكنيسة على حد رأيهم. وقد هجرت كل من السيدتين زوجيهما إثر خلافات قبل سبعة أعوام بالنسبة إلى قسطنطين والعام الماضي بالنسبة إلى شحاتة. ورافقت الشرطة كلا من المرأتين إلى منزلهما بعدما أكد الأقباط أن مسلمين خطفوهما. ونفت الكنيسة القبطية احتمال اعتناق المرأتين الإسلام. والجيش الذي يتولى إدارة شؤون البلاد منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك في 11 فبراير، وعد بالتحرك بقوة ضد المسؤولين عن أعمال العنف، مساء أمس الأول. وقال عضو في المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية إن القانون سيطبق بصرامة على مثيري الاضطرابات التي وقعت في منطقة إمبابة الشعبية في القاهرة. وأكد لواء في المجلس العسكري طلب عدم كشف هويته، في تصريحات لقناة «أون تي في» المصرية الخاصة أن «كل من هو موجود في الشارع سيعامل على أنه بلطجي»، مضيفا «سيتم تفعيل القانون ابتداء من هذه اللحظة». وتابع «لن يسمح لأي تيارات أن تطغى على مصر». ودعا مفتي الديار المصرية علي جمعة إلى عدم التلاعب بأمن البلاد، مؤكدا أن أعمال العنف لا يمكن أن يرتكبها أناس ملتزمون دينيا، سواء كانوا مسلمين أو نصارى. ويمثل الأقباط ما بين 6 إلى 10 % من التعداد السكاني البالغ 82 مليون مصري .