اتجهت الأنظار، أمس الأول، نحو العاصمة المصرية القاهرة، حيث جرت مراسم الاحتفال بتوقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس؛ بما قد يكون الحدث الأهم وسط كل ما يجري في أنحاء عديدة باستثناء مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. هذا الحدث جرى حين التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل لتوقيع الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية. ولا يجب التقليل من شأن ما يمكن أن يسفر عنه مثل هذا الاتفاق، رغم أنه لم يتضح فيما يمكن أن يفعل أو لا يفعل لعملية السلام.. فقد قتلت هذه في الميدان منذ أمد طويل وليس بيد حكومة إسرائيلية واحدة، وإنما عدة حكومات. ولابد من إلقاء اللوم في ذلك على إسرائيل لأنها لم تمنح عباس أي إمكانية حقيقية لتوقيع اتفاقية يمكن أن تؤدي لتشكيل دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ولو لم يكن الحق الفلسطيني في العودة قد ألغي من طرف واحد، لربما كان لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعض الحق حين اتهم نظيره بإدارة ظهره للسلام، ففي النهاية لم تكن هناك عملية سلام لإدارة الظهر لها. وهناك تفسير واحد لهذا الأمر هو مجرد تجميد الواقع. ويعمق منع إسرائيل تحويل مبلغ 89 مليون دولار للسلطة الفلسطينية هذه الفكرة بأن الأمر الواقع غير مقبول. وقد تتباين درجة الاعتماد على إسرائيل، إلا أن كل فلسطيني يعيش رهينة الأوامر الإسرائيلية. وهذا شيء لا يمكن أن يدوم، وكان يشكل الواقع اليومي لما يطلق عليه اسم عملية السلام. إن الطريق الوحيد أمام الفلسطينيين جميعا مهما كانت توجهاتهم هي الوحدة والإصلاح وتعزيز قيادتهم، وهذا ما بدأ يحدث في القاهرة التي برزت من جديد لاعبا رئيسيا في الشرق الأوسط. وإذا ما نجحت مصر في إعادة فرض نفسها كما فعلت تركيا، فإن لديها من الأوراق ما يجعلها قادرة على تغيير ميزان القوى. ولذا، فإن من مصلحة أمريكا والاتحاد الأوروبي أن تكون هناك حكومة في القاهرة تبقي على معاهدة السلام مع إسرائيل، لكن لا تكون ذليلة لمصالح الأخيرة.