عندما كنت في الصف الثالث الثانوي، قالت معلمتي، وقد وهبها الله ما تتمنى «إن الفن سمي فنا لجماله، وأنه كل شيء سامٍ يحترم الدين والعقل».. أحسست حينها أن كلماتها يجب أن تدون، حتى مع الأيام أدركت أنها ما نطقت عن هوى، فكلما رأيت ما يوجده المغفلون اليوم من العرب أيقنت ما قالت. الفن اليوم: أشياء «تافهة» أوجدت لتضييع الوقت لا غير! وحقيقة أنه لا يوجد لدينا فن اليوم، فهم استهلكوا هذه الكلمة حتى أعدموها. وعلمونا قواعد ثابتة أنه عندما يفتقد الفن للهوية، فنعلم أنه فن عربي! وعندما لا يحترم الإعلام عقلية وفكر المشاهد، فنعلم أنه إعلام عربي! أي شيء قدمتموه وتعتبرونه فنا؟! الثقافة الدينية التي نفتقر لها نحن الشباب خصوصا في الإعلام الذي لا يتجاوز بث الفتاوى، والنشرات الإخبارية، كالطفل الملقن، لا ينطق إلا ما يملونه عليه، ومتأخرا! أو المسلسلات والمسرحيات والمسابقات نسخ من سواقط الغرب.. وكل ما يحتاج إليه عقل الشباب ليبدع تهملونه وتغذوننا بما لا يسمن أو يغني من جوع! الفكر، والشعر، والكتاب، والثقافة، من لها؟ ومن يقدمها لنا؟ من سيحترم عقولنا وتفكيرنا؟ ويقدم لنا المفيد الذي ننتظر؟ همومنا، وطموحنا، من سيعبر عن وجودها؟ من سينقلها ويضعها في الاعتبار كشيء مهم؟ أحلامنا كثيرة، راقية وهادفة، تعانق الغيم، من سيرعاها ويبثها ويشرع أبوابه لها؟ لا نطالب بشيء من الأساطير، فقط قدموا لنا ما يحترمنا، فنحن لا نتكلم ولا ننقد، ولا نطالب إلا من وجع. سئمنا المحتوى السطحي، سئمنا سخف ما تبثون، وسخف ما تترجمون، وسخف ما تدبلجون، وسخف ما تريدون إيصاله إلينا، وسخف وجودكم أنتم أيضا في الإعلام.. فكفوا عن هذا فقد أوجعتمونا كثيرا.