أن نخاف على تاريخنا من الغرب ألا يشوهوه فهذا أمر مطلوب وواجب علينا أن نتصدى له ولكن أن يكون التشويه من أبناء جلدتنا العرب فهذا أمر أولا: مستهجن وثانيا: يزيد من الأعباء علينا في التصدي للتشويه من الجهتين الغربية والعربية، فنجد أن البطل التاريخي عندنا في المسلسلات التاريخية أيا كان هذا البطل مليء بالعيوب بل يحاول كاتب السيناريو أن يتصيد الأخطاء على هذا البطل بدلا من أن يحاول إبراز الجوانب البطولية فيه ولنا في أعمال تاريخية كثيرة مثال فأغلبها لم يحترم تاريخ أبطالنا من الصحابة، فهناك العديد من الأخطاء التي ترافق أحداث العمل. كما أن التاريخ الموثق والمعروف لدى الناس يعتبر خطيرا وصعبا دراميا ولا بد للكاتب أن يوازي بين الخط الدرامي والخط التاريخي للشخصيات وإدخال الدراما في الموضوع التاريخي بشكل كامل يفقد العمل مصداقيته والأخطاء التي وقعت فيها المسلسلات لم تقع فيها الأفلام التي أنتجت في هوليوود عن الإسلام في فيلمي الرسالة وعمر المختار والفضل في ذلك بعد الله يعود للمخرج السوري العالمي مصطفى العقاد رحمه الله، ولا بد أيضا من الحذر من مسألة الملابس وبالذات في شخصية المرأة لأنه مهم جدا ويمنح العمل الكثير من المصداقية لأننا وجدنا أثناء متابعتنا لأحد المسلسلات التاريخية أن لباس إحدى الشخصيات النسائية التاريخية على الموضة وقد يكون فيه نوع من العري وأقصد هنا كشف جزء من الجسم لم يكن موجودا في ذلك العصر، والتشويه للأسف طال الصحابة، وخلدهم التاريخ واحترمهم أعداؤهم ولكننا نأتي وبكل بساطة لنشوههم في أفلامنا ومسلسلاتنا، مثالنا في ذلك شخصية هارون الرشيد التي شوهت بأنه يعشق الجواري والغناء، رغم أن كتب التاريخ تؤكد أنه كان يحج عاما ويغزو عاما! وليأتي مسلسل «أبناء الرشيد» ليكمل ما تبقى من هذا التشويه ولا أقول إن جميع ما يقدم سيئ ولكن لا بد من التركيز على ما يقدم، خصوصا أنه أمانة وأمانة كبيرة جدا ونحن نريد أن يكون المسلسل التاريخي متوازنا لكي يرضي جميع الأذواق وأن يشاهده الجميع المتدين والشخص العادي ولا أعتقد أنها مسألة صعبة جدا إذا ما تم إجراء البحوث والدراسات عن مثل هذه الشخصيات التاريخية وعدم الاستعجال في ظهورها وإعطاء العمل وقتا كافيا في التحضير. نجد في المقابل عند الغرب حين تتحدث أفلامهم عن بطل تجد هذا البطل يأخذ حقه من التقدير والاحترام ويحاولون في أفلامهم أن يبرزوا الجوانب الإيجابية في شخصيته ويتغاضوا عن الجوانب السلبية لأنهم يعرفون أني بوصفي مشاهدا حين يضعون لي الجانب السلبي قد يؤثر هذا على صورة البطل بالنسبة إلي وهذا يتضح في الكثير من الأفلام الرائعة أذكر منها فيلمي: «القلب الشجاع» و «الوطني» للممثل الرائع ميل جيبسون. وفي النهاية أحب أن أقول إن الغرب في أفلامهم وإنتاجهم يبحثون حتى في هزائمهم العسكرية عن بطولة تستحق الذكر ولنا في الأفلام التي تتحدث عن حرب فيتنام وكيف صورت أفلامهم وجود بطولات للجيش الأمريكي في فيتنام على الرغم من أن الواقع هو هزيمة تاريخية. هذا هو واقعهم، أما نحن للأسف فإننا نشوه أنفسنا بأنفسنا. سلطان ناصر . الأحساء