لأن العمال الهنود يكدون في الخليج بعيدا عن أبنائهم، يكدون بأسى، يحرقون قلوبهم بالبعد، ويرسلون لزوجاتهم نقودا مليئة بالعرق، ويعودون لمسكنهم الرث آخر الليل، ويتابعون السينما على أجهزة الدي في دي، يتبادلون الأفلام فيما بينهم، ويرسمون ضحكة وحيدة يبللونها بالشاي الأسود. ولأن الطالب الطويل في الثانوية الليلية «طفش» من الحياة، يحس صديقه الغريب بأنه في حاجة إلى الضحك، يناوله من درج سيارته دي في دي لفيلم جديد، يسامره حتى الفجر ويود لو أن هذا الفيلم لا ينتهي، وأن كوب الشاي الأسود يمتلئ كلما أوشك على الانتهاء، وينام وهو في حالة من الرضى. ولأن المرأة الوحيدة وجدت ابنها يسهر على قناة الأفلام، وأرادت أن تنسى أن العالم بلا نوافذ، سهرت وابنها على فيلم الليلة وبللا حزن الفيلم بكؤوس الشاي الأسود، وناما للمرة الأولى في غرفة واحدة. ولأن الشاعر مل النقر بقلم الرصاص على الزنك، تحول إلى دي في دي كان يدخره لينسى وجع الحروف ونفورها، طلب من زوجته التي لا تهوى السهر كأس شاي وسهر يحارب الدمعة بجمال ممثلة الفيلم. ولأني أريد أن أخبر أصدقائي بأنني لا أهتم للمخرج الذي سرق قصة الفيلم، بل أهتم للدمعة التي خرجت من محجري حين اختفت بطلة الفيلم عن الكادر، وارتشفت آخر قبلة من كوب الشاي الأسود. لذلك وأكثر، السينما. عبدالله العقيبي