يشعر الرئيس السوري بشار الأسد بقلق شديد وهو يراقب الاحتجاجات والتظاهرات التي اندلعت في أكثر من جهة في بلاده،هذه الأيام، بعد أن كانت محصورة في العاصمة دمشق ومنطقة درعا الجنوبية. وفي الواقع، فإنه ليس هو الوحيد الذي يشعر بهذا القلق، إذ إن تغيير النظام هناك سيعيد تشكيل منطقة الشرق الأوسط برمتها. وإذا ما عجز نظام بشار الأسد عن إعادة تأكيد سلطته، وتم إسقاطه أو مجرد إضعافه بفعل فترة ممتدة من الاضطرابات والاحتجاجات الشعبية، فإن التداعيات الجيوسياسية لذلك الانهيار ستكون ضخمة، وسنرى تحالفات المنطقة تنهار الواحدة تلو الأخرى. إن حلفاء سورية الحاليين مثل إيران وحزب الله وحماس سيؤلمهم فقدان الدعم السوري، وهذا سيجعل إسرائيل تشعر برضا كبير. غير أن مشاعر الرضا هذه قد تخف قليلا إذا ما حل محل الأسد نظام آخر يكون أكثر تهديدا لمصالحها وأمنها.. وذلك في الوقت الذي يتوقع فيه أن تبتعد مصر عن إسرائيل، وتعود ثانية إلى المعسكر العربي، بينما يتهدد الخطر تحالف سورية مع إيران التي لا تحظى بشعبية غالبية السكان. وقد تشمل التغييرات على الخريطة الجيوسياسية ظهور تركيا لاعبا مستفيدا لتعزز علاقاتها التجارية ويكون لها دور في حل النزاعات. وقد تتقارب إيران والعراق تحت قيادة جديدة، ويشكلان معا كتلة ذات بأس أكثر من أي وقت مضى. وهناك تحالفات ستظل على حالها، فمع انتهاء الأزمة ستظل تركيا تعمل على تنمية صداقتها مع سورية مهما كان النظام الحاكم فيها لأن سورية ستظل محورا رئيسيا في السياسة العربية. وقد تحل تركيا في الحقيقة محل إيران وتكون الحليف الرئيسي لسورية. كذلك فإن الأزمة لن تقلص نفوذ سورية في لبنان لأن النظام السوري أيا كان لن يتحمل وجود حكومة مناوئة له في بيروت، لأن أمنه خاصة فيما يتعلق بإسرائيل مرتبط بأمن جاره اللبناني. وأخيرا، فقد دفعت موجة الاحتجاجات التي تجتاح العالم العربي، بالنزاع مع إسرائيل إلى الصف الثاني من الاهتمامات، إلا أن ذلك قد يكون مؤقتا. وحتى يتم حل هذا النزاع، فإن المنطقة لن تشهد استقرارا أو سلاما فعليا. * كاتب بصحيفة الجارديان البريطانية