*مبعوث «الفاينانشيال تايمز» البريطانية إلى ليبيا تتحول تغطية الحرب في ليبيا من العاصمة طرابلس إلى أمر سريالي، حيث يتم يوميا اصطحاب الصحفيين الأجانب بواسطة حافلات لمشاهدة مسيرات مأجورة لتأييد الزعيم الليبي والتي يتم تنظيمها من قبل رجال القذافي، فيما يتم استدعاؤنا مساء لحضور المؤتمر الصحفي اليومي للناطق باسم الحكومة الليبية. «الرجاء من كافة الصحفيين التجمع في الثامنة لحضور مؤتمر صحفي». ما عدا ذلك نبقى رهائن الفندق، إذ لا يسمح للصحفيين بالخروج إلى المدينة وحدهم، ويظلون تحت الرقابة ويتناولون وجبة ثابتة من الدعاية والأكاذيب. وإذا نجح أحدهم في الالتفاف على الحراسة الدائمة المفروضة عليه وتمكن من الخروج إلى المدينة، يعاد خلال مدة قصيرة إلى الفندق بواسطة شاحنات بيك آب برفقة الجنود، لكن بعد التدقيق في هويته وتفتيشه. وذات صباح حدث ما لم يكن بالحسبان أمام عدسات الكاميرات ورجال الصحافة وبدد كل جهود الحكومة الليبية وذلك عندما قام رجال أمن كانوا يرتدون ثياب طاقم الفندق بالهجوم على الآنسة إيمان العبيدي التي لجأت إلى الصحفيين لتروي قصة تعرضها للاغتصاب على يد أعوان القذافي، واقتادوها إلى خارج الفندق وسط ذهول الصحفيين. وما لبث أن وصف الناطق باسم الحكومة الليبية الآنسة العبيدي ب«العاهرة». واستمرت الحملة عليها يوما كاملا، حيث أعلن التليفزيون الليبي الحكومي أن العبيدي رفضت الخضوع لفحص طبي للتأكد من تعرضها للاغتصاب واستمر المذيع يكرر وصفها ب«العاهرة التي يملأ قلبها الكره لبلدها». ولدى الاتصال بعائلتها في معقل المعارضة مدينة بنغازي علمنا أنها محامية وأنها لا تزال رهينة الاعتقال من قبل قوات القذافي في أحد معسكرات باب العزيزية الذي يضم مقر العقيد. وفي النهاية لم يكن هناك شيء من الكاميرات والمسجلات وموجات الأثير والصحف قادر على أن يساعد هذه المرأة الوحيدة. إنها تعيش في عالم تأتي فيه القوة على فوهة بندقية. فقط دعونا نأمل أن جهودها الصغيرة للتغيير لم تكن عبثا. ذهبت كل الجهود التي بذلتها حكومة القذافي أدراج الرياح وظهرت حقيقة النظام الذي يدعي أنه يحرص على حياة مواطنيه من المدنيين ويدافع عنهم ضد الهجمات التي تشنها طائرات التحالف الدولي.