* زميل مساعد في المعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية أثار التصريح الذي أدلى به مدير المخابرات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر أخيرا أمام الكونجرس بأن «النظام الليبي سينتصر في نهاية المطاف» جدلا واسعا في واشنطن. وأجبر هذا التصريح البيت الأبيض على الرد بالتأكيد على أن الرئيس أوباما لا يشارك كلابر هذا الرأي. ولكن رغم رجوح كفة النظام الليبي وتمكنه من استرجاع سيطرته على عدة مدن، فإن تقييم كلابر خاطئ في حقيقته. ومما لا شك فيه أن نظام القذافي ما زال يتمتع بعائدات تصدير النفط، وأن الخلافات ما زالت تعصف بالمجتمع الدولي حول شرعية وضرورة فرض حظر طيران على ليبيا، ناهيك عن القيام بتدخل عسكري ضده. كما أنه بات واضحا أن المنتفضين لا يتمتعون بدعم قوي من جانب شريحة القوات الليبية التي انضمت اليهم، حيث لم يحسم العديد من العسكريين في شرقي البلاد ولاءهم بعد. وقد أدى ذلك إلى تصدع حلم المنتفضين في الزحف غربا إلى طرابلس والإطاحة بالقذافي ونظامه. ويبدو مرجحا الآن أن المنتفضين لا يمكنهم تحقيق النصر على النظام في المستقبل القريب. ومع ذلك، يجب ألا يحجب الهجوم المضاد الذي يقوده النظام الآن الحقيقة القائلة إن مستقبلا مظلما ينتظر القذافي. وحتى لو سقطت بنغازي - معقل المنتفضين - فإنه سيجد صعوبة بالغة في إدارة المدينة والمناطق المجاورة لها بسبب حرب العصابات التي سيشنها معارضوه ضده. كما سيواجه العقيد عزلة دولية خانقة وعقوبات شديدة تشمل العوائد النفطية والتبادلات التجارية والعلاقات الدبلوماسية. على صعيد آخر، سيزداد الدعم الخارجي للمنتفضين - الذي بدأ فعلا - وخاصة من جانب أمريكا وبريطانيا وفرنسا. أما جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، فقد تخليا فعلا عن القذافي، وحتى الاتحاد الإفريقي لم يبد الدعم المطلوب. لهذه الأسباب، من العسير جدا الاستنتاج بأن العقيد سينتصر في نهاية المطاف. أما الاحتمال الأكثر رجحانا، فهو أن تنتهي الانتفاضة الحالية إلى حرب مستمرة تشبه إلى حد بعيد ما حدث في العراق في السنوات ال 12 التي تلت حرب الكويت، حيث عملت مناطق حظر الطيران على تقسيم البلاد فعليا.