كثيرا ما أستحسن فكرة العودة لظهور الخيل والجمال؛ كونها ذات صلة بماضي المسلمين العريق، وكونها في ذات الوقت تمثل وسيلة مواصلات برية أكثر أمانا وأقل تكلفة، وأوثق عرى في صداقتها للبيئة، وأكثر وطنية في استغلالها للبهائم الوطنية بدلا من السيارات المستوردة. تراودني هذه الأفكار حين تجتاحني جيوش الدخان الصادر من إحدى السيارات في الطريق، فأسارع إلى صد تلك الهجمات برفع النافذة بعد أن تمضي السيارة بدخانها بعيدا، وحين نعلم أن السخام «جسيمات كربونية سوداء تنتج من الاحتراق»، هو ثاني أكبر عامل مسبب للاحتباس الحراري، مع مساهمته في إذابة جليد القطب الشمالي، سنكون أكثر تخوفا على رئاتنا من ذلك الخطر، وأكثر حيطة من استنشاق عوادم السيارات، خصوصا عند الازدحام. وإذا ما اطلعنا على قائمة الأمراض التي تنتج من استنشاق مثل تلك المواد، سنستطيع إدراك فداحة الجنايات المتمثلة في «التدخين السلبي»، والتي كثيرا ما نرى صورها في شوارعنا حين نجد بعض قادة السيارات يمارسون التدخين في عربة صغيرة يملؤها الأطفال، دون أن ينسوا إغلاق النوافذ. من المؤسف بشدة أن نرى مثل ذلك التعدي على أبسط حقوق البراءة في استنشاق الأوكسجين النظيف، فإن لم تجْدِ التحذيرات نفعا في أمثال أولئك الآباء، فلا أقل من عقوبة أو غرامة تردعهم عن التعدي على أبجديات حقوق أبنائهم. صحة أولئك الأطفال أولى بالحفاظ والرعاية من صحة مرتادي مطارات المملكة الذين فرضت عليهم غرامة قدرها «مئتي ريال» حال ممارسة التدخين في أرجائها. ولعله من الأهمية بمكان أن نُعنى بصحة ضيوف بيت الله الحرام إذا ما عُنينا بصحة مسافرينا ومرتادي مطاراتنا، مستفيدين من تجربة المدينةالمنورة في حظر بيع السجائر داخل حدود الحرم، ولا حاجة إلى الحديث عن تردي الأوضاع وعلنية بيع السجائر وتدخينها رغم القرارات التي لم يتجاوز تفعيلها اللوحات الإرشادية والتحذيرية. دونما أعذار.. متى ما أدركنا خطورة الأمر ونتائجه، استطعنا استحداث حد لسلبياته.