على الرغم من الحضور السينمائي الخليجي وزحمة المهرجانات التي يشهدها عدد من المدن الخليجية في الأيام الماضية بل والتنافس في الجوائز واستقطاب الأسماء التي تدعم مثل هذه المهرجانات وتدعم التسويق لها مثل استعانة مهرجان الدوحة بعدد من نجوم هوليود واستقطاب مهرجان أبو ظبي السينمائي لعدد من صناع السينما العالميين، وكذلك الحال مع مهرجان دبي الذي تجري التحضيرات له على قدم وساق، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه مثل هذه المهرجانات التي يصرف عليها مبالغ طائلة ماذا قدمت للسينما في المنطقة خاصة أنه لا توجد أي دولة خليجية عرف عنها التطور السينمائي أو تقديم أفلام سينمائية حققت جوائز عالمية، وعلى الرغم من هذه الميزانيات، ولكن ما نشاهده على أرض الواقع لا يعكس ذلك الاهتمام إطلاقا، ومازالت السينما تقدم باجتهادات فردية، ولا تحظى بالمتابعة من قبل الجمهور الخليجي الذي لا يعرف شيئا عن هذه الأعمال حتى يرى اسمها في المهرجانات السينمائية.. في هذا الموضوع تحدث مسعود أمر الله المدير الفني لمهرجان الخليج السينمائي الذي تحتضنه دبي والذي بدأ متفائلا بما يقدمه الشباب الخليجي سينمائيا، وذكر أنه لا يزال المشوار طويلا، على الرغم من المحاولات الجيدة لصناعة الأفلام، مشيرا إلى أن الأفلام الخليجية بدأت تتجه إلى الفن البصري بشكل قوي، منوها إلى نقطة مهمة وهي أن الخليجيين شغوفون بالسينما: «الجميع يعمل ويقدم بدافع شغف ومحبة لا يوجد هناك اهتمام رسمي، وفي غياب المعاهد والدعم الحكومي ودعم الشركات تبقى المسألة فردية ومسألة حب وعشق لهذا المجال». وأوضح أمر الله أن أصبح هناك سمة تميز أفلام دول الخليج عن بعضها: «بدأنا نستطيع أن نعرف شكل الأفلام من السعودية كيف وما هو أسلوبها وبماذا تختلف عن البحرين والإمارات. أي أن هناك تيارات بدأت تتضح معالمها في دول الخليج. هناك في هذه الدورة أيضا ورش عمل، وهناك معرض لشركات إنتاج ومدارس لها علاقة بالسينما»، وحول ما يميز الأفلام السينمائية الخليجية عن بعضها أوضح أمر الله أن السينما السعودية لها خط مختلف عن غيرها في دول الخليج لأنها تعتمد على الإيقاع الهادئ وفيها نوع من الغموض للمشاهد، بينما الأفلام البحرينية تركز على إيقاع الحياة الاجتماعية وفي الإمارات، الأمر مختلف كون أكثر التجارب تتناول الماضي. من جانبه ذكر ممدوح سالم مدير شركة «رواد ميديا» التي تهتم بالسينما السعودية وعدد من الأنشطة الفنية بأن السينما ثقافة وتحتاج إلى تراكمات من التجارب حتى يصل الصوت السينمائي المحلي: «السينما تحتاج إلى أرضية صلبة كي تنهض عليها ودعم من القطاعات الإنتاجية والثقافية التي تؤمن بدورها الكبير»، وبين سالم الذي نظم وشارك في عدد من المهرجانات السينمائية محليا وعربيا أن تجارب الشباب السعودي في هذا الجانب تستحق الاحتفاء والاهتمام والدعم، مبينا أن وجود المهرجانات يعد مطلبا رئيسيا كوننا في طور الصناعة وتعريف الناس بما لدينا من فكر ورؤية وحس في صناعة هذه الأفلام: «المنطقة قادمة على نهضة سينمائية كبيرة، وجميلة هذه التجارب التي نشاهدها ونقيمها في المهرجانات». من جهتها أوضحت المخرجة السعودية الفائزة بجائزة المركز الثاني في مهرجان الخليج السينمائي عن فيلم «القندرجي» عهد كامل أن التجارب السينمائية الحالية لابد أن يتم تسليط الضوء عليها والاحتفاء بها كونها تأتي في أول المشوار، مستشهدة بتجربتها عندما قدمت أولى تجاربها السينمائية في أمريكا: «اتخذت قرارا بتجربة إخراج فيلم حمل عنوان «أطروحة طالب» وكان الفيلم مليئا بالأخطاء، لأنه بداية تجربتي، فعملت فيلم الملكات الثلاث، وهو تجربة جميلة استمتعت بها وأعطتني خبرة، ولم يحبطني الأمر أو أجد من يقلل من تجربتي على العكس وهذا ما نحتاج إليه». وأكدت كامل أن هذه التجارب المبكرة قدر لها أن تكون في بلد يتسيد دول العالم في الصناعة السينمائية، فثابرت حتى حصلت على شهادة من مدرسة «بارسونز» للتصميم في الرسوم المتحركة، ومن ثم التحقت بأكاديمية نيويورك للإخراج السينمائي، والعمل في استوديو «أسبير» وهذه المدارس الثلاث في المدينة الشهيرة بناطحات السحاب، متمنية أن يسمح بإنشاء دور للعرض السينمائي بطريقة احترافية تدعم الجيل القادم المحب للسينما .