«صاحب بالين كذاب» و«سبع صنايع والبخت ضايع».. مثلان سمعناهما ونعرف أنهما يطلقان على الشخص الذي يعمل بأكثر من صنعة ويتجه بأكثر من طريق دون أن يجني من ذلك شيئا.. وهذان المثلان يمكن تطبيقهما بصورة كبيرة على عدد من نجوم الإعلام والفن الذين حارت خطاهم بين الغناء، التمثيل وتقديم البرامج، ولم يستطيعوا تحديد خط سير وهوية حقيقية لأنفسهم.. «ملفات» فتحت «ملف» الازدواجية في الوسط الفني، واختارت بعض النماذج لذلك.. المتابع لحال عدد من النجوم الساحة الفنية في الفترة الأخيرة يلاحظ عن كثب مرحلة «التوهان» وانعدام الوزن التي يعيشها كثيرون منهم بل تعدى الأمر ليحدث تبادل أدوار بين نجوم الشاشة، فمذيع نشرة الأخبار لا تستبعد أن تجده غدا ممثلا أو ممثل تجده مقدم برامج أو مطربا تصفق له الجماهير، حيث اختلط الحابل بالنابل، ووقعت الفأس على رأس المشاهد المغلوب على أمره، وهو يشاهد أنصاف النجوم يلهثون خلف الفلاشات على حساب المادة التليفزيونية المقدمة له، ويعتبر السبب الرئيسي لهذه الظاهرة هم المنتجون الذين لم يعترفوا بتخصص الفنان، وحركوه مثل قطعة الشطرنج على أمزجتهم وأهوائهم، لأننا ببساطة في زمن الذائقة الفنية فيه شبه معدومة، وتحولت الحكاية إلى سوق تغلب فيها البضاعة السيئة على الجيدة، ومن النماذج التي أصبح من الصعب على المشاهد تحديد صفة حضورها رزان مغربي التي عرفها الجمهور مذيعة على قنوات mbc، ليفاجأ بعد فترة بوجودها ممثلة ومغنية حيث شاركت في المسلسل المصري «عدي النهار»، واقتحمت أبواب السينما من خلال «حرب اطاليا» و«حكم الغرام»، وشاركت في عدد من المهرجانات كمطربة ولها فيديو كليب أغنية «لو حب ده» الذي مارست فيه كل أنواع الإسفاف والخلاعة، وعربيا يعتبر تامر حسني الأشهر حيث عرف مغنيا وكاتب كلمات، ليقتحم السينما من خلال فيلم «حالة حب»، «سيد العاطفي» و«عمرو وسلمى». وليست رزان مغربي وتامر هما الوحيدين في عالم الأدوار المزدوجة الذي يعيشه الفنانون هذه الأيام بل أصبح جدار التمثيل قصيرا وكل يجيد تسلقه، والقائمة تطول، فهنالك نيكول سابا التي شاركت عادل إمام في في فيلم «التجربة الدنماركية» ومع نور الشريف في «ليلة البيبي دول» وعلى المستوى الخليجي مشاعل الزنكوي التي عرفها الجمهور مذيعة، فأصبحت بين يوم وليلة ممثلة في «عديل الروح» و«عقاب»، والفنانة مرام أقبلت على التمثيل بنهم حيث شاركت كممثلة في مسلسل «صحوة زمن» و«الأصيل» و«الجادة السابعة»، واستطاعت أن تحصل على مساحة ضوء لم تنلها من خلال الغناء. وإذا وسعنا الدائرة وسلمنا بأن الفن لا يحتاج إلى إمكانيات صوتية معينة سنجد أن بعض من عرفوا واشتهروا بصفتهم ملحنين اتجهوا إلى الفن ولعل آخرهم مشعل العروج صاحب أغنية ي«التاكسي» الذي فضل أن يحظى بكعكة الشهرة بدلا من إعطائها لفنان لا يفرق عنه بالإمكانيات الصوتية؛ وإذا سلمنا بأن ظاهرة الأدوار المزدوجة قديمة وموجودة في الساحة الفنية منذ بداياتها فالفرق أن من قام بها سابقا جميعهم فنانون حقيقيون فرضوا أنفسهم بأصواتهم مثل: «عبدالحليم حافظ، فيروز، محمد عبده، وسميرة توفيق»، وأعمالهم التي شاركوا بها كانوا يؤدون من خلالها أغاني خالدة، هذا ناهيك عن ندرة الوجوه الفنية حينها، وكانوا يحضرون في الأعمال بهيبتهم عكس الإسفاف والتهريج الحاصل في الوسط الفني الآن، الذي أصبح فيه عمر الأغنية لا يتجاوز أسابيع ثم تندفن، ليبحث الفنان عن مساحة أخرى يحضر من خلالها، وهم بذلك لم «ينالوا بلح الشام ولاعنب اليمن»، ولم يقنعوا المشاهد بشخصياتهم الجديدة التي تقمصوها.