لم يكن أمام الشابين البراء وجميل خيار آخر بعد تخرجهما سوى فكرة الاستثمار في مقهى شبابي والوقوف عليه بأنفسهما، في خطوة جريئة لخوض تجربة المشاريع الصغيرة، والحصول على مردود مادي يتفوق بكثير على العمل في وظيفة داخل إحدى الشركات. البراء طيبة يبلغ من العمر 26 عاما وقد تخرج من قسم الهندسة المعمارية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وشريكه جميل ربوعي البالغ من العمر 27 عاما وقد تخرج من قسم الطيران من إحدى الجامعات النيوزيلاندية، قررا بعد انتهائهما من الدراسة الجامعية سلوك طريق آخر بعيدا عن تخصصيهما الدراسي، ولم يمنعهما هذا القرار الجريء من تجربة الاستثمار والتحرر من قيود الوظيفة التي ترهق أغلب الشباب. وقد رأى الشابان أن رغبة الشباب هذه الأيام في مكان هادئ يجمعهم بأصدقائهم ويوفر لهم أجواء حميمية بعيدا عن الإزعاج، إضافة إلى ممارسة هواياتهم التي يحبونها، الأمر الذي جعل البراء وجميل يفكران بجدية في الاستثمار في المقهى وتوفير جميع ما يحتاج إليه الشباب فيه من ألعاب ترفيهية ووسائل التسلية. الشاب جميل ربوعي من فرط محبته للعبة البلياردو واحترافه فيها قرر توفير العديد من طاولات هذه اللعبة وحرص على متابعتها بنفسه والإشراف على مسابقاتها التي يقيمها داخل المقهى، وقد رأى إضافة بعض الألعاب الأخرى لسد احتياج المرتادين. ويحتوي المقهى على طاولات البليادرو، تنس الطاولة، مطعم لصنع الوجبات الخفيفة. كما أن الدور العلوي مخصص لألعاب البلاي ستيشن وألعاب الشبكات. تأهيل وترقية كما قرر الشريكان الإشراف على المقهى بكل تفاصيله، حيث إنهما لم يحضرا عاملا يتولى شؤون المقهى، مؤكدان أنهما حاليا متفرغان لإدارة المقهى فقط، كما يطمحان لافتتاح مقهى في كل مدينة. ويضيف البراء طيبة: «كان المقهى في السابق غير مرتب وشكله لا يعطي ارتياحا نفسيا، فأعدنا تأهيله من جديد واستخدمنا الألوان التي تعكس الارتياح، إضافة إلى أننا حاولنا الارتقاء بفكر الشباب الموجودين، حيث إن البعض كان يرمي السيجارة على الأرض بعد الانتهاء منها، فكنت أحملها وأرميها في مكانها المخصص وهو ينظر إلي ويراقبني، وبذلك أوصلنا رسالة أن هذا المكان للجميع فلا بد من المحافظة على نظافته». بطولات القهوة ولم يكن المقهى للاسترخاء واللعب فقط، فقد نظم أصحابه العديد من البطولات التي تجمع الشباب الهواة في الألعاب للتحدي والمنافسة، حيث نظم المقهى أخيرا بطولة تنس الطاولة للهواة ولمدة ثلاثة أيام متتالية، وقد شارك في البطولة 25 شابا. كما تم استضافة أبطال منتخب المملكة محمد ورعد الشريف وقدما مباراة استعراضية لجميع الحضور. كما يفخر أصحاب المقهى بتخريج بطل المملكة في لعبة البلياردو اللاعب عبدالله العمودي، وقد أكد جميل ربوعي أنه كان يرتاد المقهى لمزاولة لعبته المفضلة بشكل يومي، وحاليا أصبح اللاعب بطلا للمملكة في لعبة البلياردو. وأوضح جميل: «نفكر حاليا في إقامة دورات تدريبية للشباب الهواة على جميع الألعاب، حيث سنوفر متخصصين محترفين يستطيعون التعامل مع الشباب لتدريبهم على مزاولة اللعبة، وصولا إلى الاحتراف في اللعبة للمشاركة في البطولات الخارجية وتحقيق الإنجازات. في متناول الجميع وتحدث جميل عن الأسعار التي يوفرها المقهى للشباب: «حرصنا أن تكون أسعارنا في متناول الجميع، فأغلب من يرتاد المقهى من الطبقة المتوسطة، فنحن لا نقدم عضويات لمرتادي المقهى، لأن أسعارنا في الأصل ليست عالية، وحرصنا بشكل جدي أن تكون الأسعار متوسطة حتى لا نمنع أحدا من المتعة، إضافة إلى كسب عملائنا الأساسيين وعملاء جدد أيضا، أما أعمار الشباب الذين يرتادون المقهى من سن سبعة أعوام إلى 35 عاما تقريبا». وأشار جميل إلى أن بيئة المقهى تحقق للشباب العديد من الفوائد، فهو استثمار للوقت من ناحية في رياضة مفيدة، كما وفرنا لهم مكانا بعيدا عن صخب الشيشة التي تقدمها جل المقاهي في جدة، إضافة إلى أن أغلب الشباب يفضل ألعابا مسلية وفي الوقت نفسه غير صاخبة بمعنى أنها لا تحتاج إلى حركة كثيرة. من بيتك لبيتك من جانب آخر، أوضح البراء طيبة «اخترنا للمقهى شعارا وهو من بيتك لبيتك، وقصدنا منه أن الشاب يرتاح كثيرا داخل بيته وبين أهله وإخوانه، فإذا قرر الخروج من المنزل فنحن نهيأ له مكانا آخر يستريح فيه، كما أن الشباب الموجودين في المكان يمثلون له إخوانا تجمعهم هذه الألعاب، وتملأ المكان بالألفة والحب». وبين «نشاهد يوميا عددا من الشباب هم في الأصل لا يعرفون بعض، ولكن من خلال تكرر الزيارات المتكررة للمقهى أصبحوا يتعارفون وكأنهم أصدقاء منذ زمن، ولم يجمعهم سوى المقهى». واعتبر البراء أن هذه الألعاب انتشرت بين الشباب بكثرة، وهي تمثل عند بعضهم نوعا من ال«برستيج»، فتجده يحرص على أن يتواجد في هذه الأماكن التي توفر مثل هذه الألعاب ليمارس هوايته التي يحبها مع أصدقائه. مشيرا إلى أن كثيرا منهم أصبحوا لا يتخلون عن التواجد في المقهى كبرنامج لا بد أن ينجزه .