تواصلت الاحتجاجات المناهضة للحكومة في ليبيا، أمس، لليوم السادس على التوالي، وسجلت مدينة بنغازي التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات في الشمال الشرقي، أعلى حصيلة للقتلى. ومع منع الصحفيين من السفر إلى بنغازي وسط تقارير عن قطع خدمات الإنترنت والهواتف المحمولة من جانب الحكومة، فإن الحصول على معلومات يمكن الاعتماد عليها عن الوضع في البلاد الخاضعة لحكم معمر القذافي منذ عام 1969، هو أمر صعب. غير أن طبيبا في بنغازي، المدينة الثانية في ليبيا، قال لقناة «الجزيرة» الفضائية إن أكثر من 200 شخص قتلوا خلال اليومين الماضيين. وقال الطبيب علي بلقاسم للجزيرة التي تتخذ من الدوحة مقرا لها إن الجثث تظهر التعرض لإصابات في الرأس أو الصدر، وأضاف أن جميع القتلى من «الشباب العزل». بينما قال نشطاء في تعليقات عبر الإنترنت إنهم فقدوا أيضا جميع أشكال الاتصال بالناس في بنغازي. وقال مؤقع «ليبيا اليوم» الذي يتخذ من لندن مقرا له، والذي أشار إلى أن حصيلة قتلى بنغازي بلغت 208 قتلى، إن الجيش استخدم قذائف ال «آر بي جيه» وأسلحة ثقيلة أخرى صوب المتظاهرين. وقالت شاهدة عيان إن الجنود ليسوا ليبيين، بل مرتزقة من مالي. ووردت أنباء عن تنظيم وقفة احتجاجية فى طرابلس من جانب قضاة ومحامين ووكلاء نيابة أمام المحكمة العليا بمجمع المحاكم في تلك المدينة احتجاجا على عمليات القتل والعنف التى تمارس بحق المتظاهرين. وما زال الوضع غير مستقر في مدينتي بنغازى والبيضاء. ويشارك أفارقة من تشاد والسنغال وإفريقيا الوسطي وزيمبابوي وسيراليون في عمليات قمع المتظاهرين في منطقة الجبل الأخضر. وقالت مصادر إن قوات الأمن الليبية قتلت وجرحت، أمس، السبت مئات الأشخاص بعد أن أطلقت الرصاص الحي على متظاهرين ينادون بإسقاط القذافي، ووصفت هذه المصادر ما وقع في مدينة بنغازي التي تبعد نحو ألف كيلومتر شرق العاصمة طرابلس بأنه «مجزرة رهيبة». ورغم عمليات القمع التي وصفتها بريطانيا بأنها «مروعة» خرج المتظاهرون مرة أخرى، أمس، إلى الشوارع في مدينة بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية. وحذر أحد سكان بنغازي في مكالمة هاتفية مع تليفزيون الجزيرة من أن المدينة تحولت إلى ساحة «مذابح». وقال المحامي والناشط الحقوقي الليبي فتحي تربل للجزيرة إن عدد القتلى الذين سقطوا برصاص قوات الأمن في بنغازي قد يصل إلى 200 قتيل وإن هناك ما بين 800 و900 جريح. واشتبكت قوات الأمن الليبية كذلك مع متظاهرين مناهضين للنظام في مدينة مصراتة، أمس، فيما امتدت التظاهرات إلى مناطق قريبة من العاصمة، حسب ما أفاد شهود عيان. فقد خرج المتظاهرون إلى شوارع مصراتة على بعد 200 كلم من طرابلس، في إظهار للدعم لسكان بنغازي الذين يتعرضون لحملة قمع عنيفة. وقال مصدر رسمي ليبي رفيع المستوى إن مفاوضات جارية مع إسلاميين أصوليين أعدموا رجلي أمن ويهددون بقتل رجال أمن ومواطنين آخرين يحتجزونهم في مدينة البيضاء التي تشهد اضطرابات منذ الأسبوع الماضي شرق طرابلس. وذكر المصدر «هناك مفاوضات جرت في الثامنة مساء البارحة بين المستشار مصطفى عبدالجليل (وزير العدل الليبي) ومجموعة من الأصوليين الإسلاميين يسمون أنفسهم إمارة برقة الإسلامية». وأعلنت النمسا، أمس، عن إرسال طائرة عسكرية إلى مالطا بهدف إجلاء رعايا نمساويين وأوروبيين من ليبيا ودول عربية أخرى إثر الاضطرابات الأخيرة في المنطقة. وقالت وزارة الدفاع في بيان «نظرا إلى الوضع الأمني في ليبيا الذي تفاقم في الساعات الماضية، قررت الحكومة إرسال طائرة هيركوليس سي 130 تابعة للجيش النمساوي وإسعافات إلى جنوب أوروبا». من جهة أخرى أعلن رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني السبت أنه لا يريد «إزعاج» العقيد معمر القذافي بشأن حركة الاحتجاج الداخلية غير المسبوقة التي يواجهها الزعيم الليبي حاليا ويقمعها نظامه بقسوة شديدة، في موقف أثار حفيظة المعارضة الإيطالية. وقال برلوسكوني ردا على سؤال لأحد الصحفيين بشأن ما إذا كانت لديه أخبار عن الزعيم الليبي الذي يعتبر مقربا له «كلا لم أسمع شيئا، الوضع يتطور باستمرار ولذلك لا يمكنني أن أسمح لنفسي بإزعاج أيا كان». وأضاف بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيطالية «إنسا» «نحن قلقون حيال كل ما يجري في المنطقة بأسرها». وأثار هذا الموقف حفيظة المعارضة الإيطالية. وانتقدت المعارضة بشدة موقف المتفرج الذي تلتزم به حكومة برلوسكوني إزاء القمع الذي تمارسه السلطات الليبية ضد المتظاهرين الذين سقط منهم منذ بدأت الاحتجاجات الثلاثاء 84 قتيلا بحسب حصيلة أوردتها السبت منظمة هيومن رايتس ووتش للدفاع عن حقوق الإنسان .