الدول الصناعية تشجع على إنتاج المحروقات الزراعية واستخدامها لتغطية احتياجاتها من الطاقة، لكن ذلك سيترك أعدادا متعاظمة من أهالي البلدان النامية من دون طعام. هذه هي المخاوف التي أعربت عنها تولي ماكاما، مديرة منظمة أصدقاء الأرض- سوازيلاند، محذرة من «أننا نواجه خطر إنتاج الغذاء لإطعام السيارات والآلات البطون». وأشارت إلى حالة سوازيلاند، على سبيل المثال، التي تواجه نقصا خطيرا في الغذاء ويحتاج 170.000 من مجموع مواطنيها، البالغ مليون نسمة، إلى معونات غذائية هذا العام، بسبب تحويل كثير من الأراضي الزراعية إلى مناطق لزراعة نبتة الجاتروفا. الجاتروفا هي نبتة تحتمل أقسى أنواع الجفاف تعيش في البوادي وتنتج ثمارا بذرية غنية بالزيت وهي كنبات ليست ذات فائدة تذكر إلا أن العلماء اكتشفوا وأثبتوا أن الزيت الناتج من بذرة الجاتروفا يطلق عند احتراقه خمس « أي واحد على خمسة» من ثاني أوكسيد الكربون بالمقارنة مع البترول، أي أنه يوفر من هذه الناحية فقط ، أربعة أخماس أضرار وتكاليف ثاني أوكسيد الكربون وبقية الانبعاثات الأخرى، وتتسابق الشركات الأوروبية الآن على استئجار أراض في إفريقيا لزراعة هذه النبتة التي لا تحتاج إلى مياه للحصول على 20 مليون برميل يوميا في حال تمت زراعة ربع أراضي إفريقيا، أي ما يحول المنطقة إلى منبع نفط حيوي يشبه الشرق الأوسط كوقود أخفوري، بالإضافة إلى إقامة مصاف لتكرير الزيت وجميع مرافق المعالجة والنقل، أي حراك اقتصادي متكامل، لذلك أطلقت الناشطة ماكاما ومنظمة أصدقاء الأرض البيئية العالمية حملة قوية ضد مشروع لإنتاج الجاتروفا في سوازيلاند. ومسبقا وقعت شركة مقرها المملكة المتحدة عقودا مع المزارعين لزراعة الجاتروفا لحسابها في أراضيهم. وينص اتفاق مبدئي مع الحكومة لتخصيص 20ألف هكتار من الأراضي لإنتاج المحروقات الزراعية مع إمكانية توسيع هذه المساحة حتي 50 ألف هكتار. ويقول موقع الشركة على شبكة الإنترنت إن هناك ملايين الهكتارات من «الأراضي الهامشية» في الدول النامية التي لا يمكن استخدامها على نحو فعال لزراعة المحاصيل الغذائية. ويقول أيضا إن «الكثير من هذه الأراضي مناسبة لزراعة محاصيل الطاقة مثل الجاتروفا» وان الشركة تخطط للعمل في المناطق المصابة بالجفاف في سوازيلاند. وأشار سام ديوب أحد المزارعين، إلى أنه كرس حقوله الثلاثة لزراعة محاصيل الطاقة، خلافا لما اعتاد عليه من زراعة المحاصيل الغذائية في حقلين، والقطن في الحقل الثالث للحصول على دخل نقدي. وأفاد بأنه اضطر إلى الانتظار لمدة ثلاث سنوات حتى نضجت الجاتروفا، وبدأ يحقق بعض الربح. كما جازف سام ديوب بالوقوع في ورطة. فقد انسحبت الشركة البريطانية من المشروع قبل بدايته الفعلية، نظرا لعدم رغبة الحكومة في دعم المشروع بالتشريعات اللازمة، وفقا لرئيس مجلس إدارة الشركة في سوازيلاند، جايتان نينج. وأضاف نينج «انهم «الحكومة» يريدون منا أن نعد استراتيجية وطنية بشأن «الوقود الحيوي»، لكنها ليست وظيفتنا أن نفعل ذلك، فهذا من شأن الحكومة». وأفاد بأن الشركة أنفقت أكثر من 8 ملايين دولار في خمس سنوات لزراعة هذا المحصول في مزارع خاصة، وتعاقدت مع 500 شخص للعمل فيها. أما المتحدث باسم هيئة البيئة في سوازيلاند، جسينا دلادلا، فقد صرح بأنه من المؤسف أن الشركة قررت التخلي عن المشروع على خلفية طلب إعداد استراتيجية تقييم بيئية، «فقد أردنا التأكد من تداعيات «زراعة» الجاتروفا على الأمن الغذائي وعلى نوعية التربة، استجابة لاحتجاجات منظمات المجتمع المدني». وعن هذا، أكدت الفريدا بشورن- شتراوس، من منظمة «جرين» غير الحكومية الدولية المعنية بدعم التنوع الزراعي والنظم الغذائية المجتمعية، أن المحروقات الزراعية قد أجبرت بالفعل المزارعين على النزوح من أراضيهم، وأثرت سلبيا على الإنتاج الغذائي، وتسببت في تدمير الغابات