أنا أشك في زوجتي، وذلك بعدما سمعت وشاهدت في أحد الأيام عندما كنت معها في الشارع وإذا بأحد يعرفنا ونعرفه وهو بسيارته ومعه أشخاص، فلما رآها قال لصاحبه: «ها هي». وبعدها رجع بسيارته، وبدأ يتبعنا وهو يحدق في زوجتي، ولم يعرني أي اهتمام، فلما استفسرت منه أنكر أنه تبعني! وبعد عدة أشهر وضعت زوجتي الحمل، وكان طفلاً، ولما كبر بدأ شبهه يتوجه إلى ذلك الشخص، وبعد مدة من الزمن تحدثت مع زوجتي عن تلك الحادثة فأنكرت معرفتها بهذا الشخص تماماً، وبعد إلحاح مني قالت إنه حقا ضايقها عدة مرات، واشتكى لها حبه، ولما قلت لها إني متأكد من حدوث «شيء» بينهما، وبعد ملاطفة مني لمعرفة الحقيقة قالت إنها رأته في المنام في وضع مريب جداً، وأنا أكاد أكون متأكدا من أن هناك شيئا بينهما، لكن لا دليل عندي. أخاف عليك أخي السائل من الولوغ في محارم الله، وقد غلّظ الشرع عقوبة رمي المحصنات، لذا أخي السائل أنت على خطر عظيم، فعليك بأن تتوب إلى الله وتستغفره، فالستر أولى لمن قام بالمعصية كما تدلنا الأحاديث الشريفة، فما بالك بمن لم يقم دليل على إدانته. ولذلك أدعوك بكل الحب والمودة أخي السائل الكريم أن يتحول اهتمامك من «كيفية استدراج الزوجة للإقرار» إلى «كيفية نسيان هذا الأمر» ثم بدء صفحة جديدة في حياتك الزوجية لا يشوبها قلق ولا شك ولا توجس، إذ أمرنا ديننا بالستر على «مرتكب المعصية» فكيف بمن لم يرتكب، وكيف بمن لم يقم عليه دليل دامغ للإدانة أصلا. لذا أرجو أن تقلب النظر جيدا في نصائحي التالية: 1. التوبة والاستغفار، ودوام الدعاء أن يصلح الله لك قلبك ويشفي الله لك صدرك، لأن قضيتك قضية قلبية بامتياز، وبصلاح القلب ينصلح النظر إلى هذه القضية. 2. المحافظة على الفروض والنوافل «إن الحسنات يذهبن السيئات». 3. الثقة في زوجتك ما دمت لم تتيقن من أمر يخدش هذه الثقة، وقد أخفت عليك الأمر من البداية درءا للشبهة، ودرءا لفتح ملف تتوالى صفحاته فلا يكاد يُغلق، لكنك ظللت تستدرجها خطوة خطوة سعيا لما افترضته أنت دون يقين وتسعى لإثبات صحته، مما شوش عليك أفكارك، وتسللت الهواجس إليك وسكنت في فؤادك حتى لا تكاد تغادره، حتى استطعت أن تجعلها تبوح لك بما في أحلامها «وهو ما لا يؤاخذنا عليه شرع ولا قانون»، وإذ ألمح في امرأتك أنها امرأة بسيطة وقد تكون أقرب للسذاجة، فلا هي داهية ولا مناورة، فقد أفصحت لك عن أمر ما ألزمها شرع على البوح به وهو ما كان في منامها. فلما فعلت ذلك فيها وفي نفسك، لقد كان لهذا الأمر أن ينتهي بتغليب حسن الظن، سألتها وسألته فأنكر كل منهما، لكنك عقَّدت القضية، بل ونسجت في خيالك قصة الشبه بين الرجل وطفلك، وليتك ظننت في أهلك خيرا، كما أشار القرآن الكريم حول حادثة الإفك في قول الله سبحانه: «لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوه ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقالوا هَٰذَا إِفْكٌ مُبِينٌ». فلا تبتئس إذا تسرب إلى قلبك شيء من الشك، وعالجه الآن بقدر من اليقين، وقل في نفسك: لم يسلم رسول الله من الأذى ولا أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما. 4. النقل من البيت تفاديا للقاء بهذا الرجل، دون معرفته لمسكنكم الجديد، حتى لا تكون رؤيته سببا في استرجاع ما تود نسيانه. 5. إلزام زوجتك بالحجاب الشرعي، لعدم معرفة الرجل «وأي رجل» بزوجتك، فتتفادى الأذى إن كان بكلمة محرمة أو نظرة محرمة إذا سارت في طريق أو سوق، أو ترددت على بيت من بيوت الأقارب. 6. التزامك وزوجتك بالذكر والصلاة والصوم. 7. تعميق التقارب العاطفي بكل ألوانه وأشكاله، مع العلم أن الكلمة اللطيفة الودودة تأسر الزوجة، مما يساهم في تقوية علاقتكما وتحصينها، ودوام الود بينكما، فلا يتسلل إليكما شيطان إنس بإغراء، ولا شيطان جن بوسواس. 8. إن استطعت، بادر أنت وزوجتك بالحج لهذا العام، لعله يكون لكما مغفرة للذنب، والعودة منه كيوم الولادة، ولعل عودتكما تكون بصفحة جديدة ونحو مسكن جديد وبمشاعر جديدة، وثقة عميقة في نفسك وزوجتك، وثقة بينكما تدوم وتبقى، فإن لم تستطع فلعلك تبادر بعمرة إلى أن يتيسر لك الحج. وأسأل الله أن يوفقكما ويصلح قلبيكما، ويجمع بينكما دائما في خير وعلى خير وطاعة. المجيب: مصطفى أحمد كمشيش مستشار اجتماعي