لم يخرج صوت تأجيل الاختبارات في جامعة الملك عبدالعزيز، إلا قبل أقل من 18 ساعة فقط من الدخول إلى قاعات الاختبار، في وقت كانت الأجواء غير مهيأة لتواجد طلابي في الجامعة. وفيما بدأت الطالبات الاستياء من قرار الجامعة استئناف الاختبارات ابتداء من اليوم، خرج عصر أمس الخبر، الذي مفاده: «وجه مدير جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور أسامة بن صادق طيب بتأجيل جميع اختبارات الانتظام المتبقية لطلاب وطالبات الملك عبدالعزيز، وقد تقرر استئناف الاختبارات مع بداية الفصل الدراسي الثاني وستحدد مواعيدها لاحقاً، ويأتي القرار مراعاة لأوضاع الطلاب والطالبات لما شهدته محافظة جدة الأربعاء الماضي من الأمطار الكثيفة التي شكلت عوائق أمام الطلاب والطالبات للوصول إلى الجامعة». وفيما اعتبرت الجامعة على لسان مدير العلاقات العامة هيثم زكائي، التأجيل استجابة لمطالب الأبناء، اعتبر عدد من الطلاب والطالبات التأخير في حسم مثل هذه الأمور، هو غض الطرف الواضح من الظروف التي يعيشونها. وأشارت الطالبات، إلى أن كلية دار الحكمة بجدة، لم تتردد في تعليق الدراسة لمدة أسبوعين في الكلية بموافقة من وزارة التعليم العالي: «لكن الجامعة ترددت في الأمر، بلا مبرر، وكأن مصير الطلاب والطالبات لا يعنيها، حتى إن كانت الظروف مهيأة في القاعات، فإنه كان يجب الانتباه للظروف النفسية التي يمرون بها، خصوصا من كان محتجزا في يوم الكارثة، حيث لم يعد منهم إلى منازلهم حتى ساعات متأخرة من يوم الجمعة». وأشاروا إلى أن كلية دار الحكمة تصرفت مع الأمر، بسبب ظروف الاحتجاز لنحو 300 طالبة لم يتمكنّ من العودة إلى منازلهن حتى ال 11.00 صباحا من اليوم التالي للكارثة، فيما الجامعة لم تتعامل مع الأمر بشكل جدي وسريع». وأوضح عدد من الطالبات المحتجزات أنهن عانين من الخوف والبرد مع شكواهن من غرق المباني والفصول: «الجميع يخشى العودة، خوفا من التماسات الكهربائية». وأضافت الطالبة بقسم الحاسب بشرى الغامدي ل «شمس»: «لدي اختبار صعب ولم أتمكن من المذاكرة لأننا عشنا يوما لا ينسى في الجامعة، نحن نعيش في وضع صعب مع ذكرى من استشهدوا في الموقع، ونطالب بمراعاة أحوالنا النفسية، حيث لم نتمكن من الدراسة للاختبار الذي يحتاج إلى عدة أيام من الدراسة في صفاء ذهني، فكيف بنا وقد مررنا بتجربة مؤلمة، فبعدما انتقلنا إلى مبنى الطوارئ، كان من المعيب والمحزن أن يكون هوَ المبنى الأول الذي تبدأ منه رحلة البحث عن ملجأ آمن، حيث اكتشفنا أن فتحات المبنى تسرب الماء من الشارع، وفي طريقنا للصعود للدور العلوي نكتشف أن المياه تتسرب من الأعلى للأسفل، وهذا يعني أن المبنى بكامله يغرق، فخرجنا من المبنى لنقطع المياه من مبنى لآخر، وسط غياب التنسيق حول المكان الأمثل لاحتماء 600 طالبة، وكانت آخر محطة هي المكتبة، سقط جزءٌ من سقفها في الأدوار العليا، وقد أصاب تماس كهربائي مبنيين». وبينت أن الطالبات سارعن بالنداء عبر الفيس بوك لرفض العودة إلى مقاعد الاختبارات: «خصوصا أننا جميعا تأثرنا أو تضررنا مما حدث». وأشارت الطالبة أحلام العمري إلى أن أقل ما يمكن تقديمه لهن في منذ البداية المساواة بكلية دار الحكمة، التي فضلت التأجيل حرصا على سلامة الطالبات. وذكرت الطالبة أحلام الزهراني أن من حق الطالب التمسك بمطالبه في عدم المخاطرة بحياته. لا تأجيل من جانبها أعلنت الجامعة على لسان عميد القبول والتسجيل الدكتور عبدالفتاح مشاط بجامعة الملك عبدالعزيز، أن اختبارات طلاب وطالبات الانتساب قائمة في موعدها اليوم؛ ما اعتبره تأكيدا على جاهزية القاعات في استقبال الجميع. ونفى أن تكون الجامعة غير جاهزة لاستقبال الطلاب والطالبات: «وكل ما أثير عن الجامعة في وسائل الإعلام من تضرر الجامعة، فهو كلام خال من الصحة، بل إن الجامعة جهزت منذ الخميس الماضي، واللجنة العليا في الجامعة برئاسة مدير الجامعة وبعدما قاست كل المعايير، أقرت تأجيل الاختبارات لطلاب وطالبات الانتظام، على أن يواصل طلاب وطالبات الانتساب اختباراتهم». لكنه علل استمرار اختبارات المنتسبين: «بإصرار الطلاب والطالبات أنفسهم - على حد قوله - على تكملة الاختبارات؛ لأن أغلبهم من خارج جدة، بل إن كثيرا منهم مرتبط بعمل ولديه إجازة محدودة فقط، ولذلك رأت اللجنة السماح لهم باستكمال الاختبارات ومن لا يستطيع الحضور منهم فعذره مقبول ويرحل اختبارهم إلى موعد تحدده الجامعة لاحقا». وحول التأخير في اتخاذ قرار التأجيل، أوضح أن: «تقييم الوضع يأخذ وقتا، وكذلك التقارير المقدمة لمعرفة أوضاع حركة المرور، وهل الطرق مغلقة أم لا، وما مدى حجم الأضرار التي لحقت بالجامعة، كل ذلك أخذ وقتا، ولم يكن الوضع واضحا منذ بداية سقوط الأمطار، وكان هناك اجتماع للجنة يومي الخميس والجمعة الماضيين وتم عن طريقها اتخاذ القرارات». وشدد المشاط على أن: «الحفاظ على حياة الطلاب والطالبات والشعور بمعاناة الطلاب والطالبات كان من أولويات الجامعة، والدليل على ذلك القرارات المتدرجة التي اتخذتها الجامعة ومنها تعليق الاختبارات في بداية الأمر، ومن ثم تأجيلها على الرغم من جاهزية الجامعة لاستقبال الطلاب، فلا يوجد بالجامعة تجمعات للمياه أو أضرار بمبانيها، وعملية نقل الطالبات كانت للحماية فقط، ووزعت الجامعة أكثر من خمسة آلاف وجبة غذائية خلال الأيام السابقة، كما أنها هيأت 150 حافلة لتكون تحت طلب الطلاب والطالبات»