تنتهي من صنع جدولك، ترتب أطراف الورقة بهدوء. إنه الجدول السادس هذا الأسبوع، وعلى مستوى سنوات عمرك الدراسية.. إنه الجدول ال..؟، لا تستطيع تذكر الرقم، لكن وجه الشبه بين هذه الجداول هو أنك لم تلتزم بأي منها على الإطلاق. تمسك الورقة بشكل أشد هذه المرة، تنتابك الحماسة ويملؤك التفاؤل، «هذه المرة ستكون غير». فجأة تتوقف قليلا، تهمس لنفسك: «هذا الشعور يمر بي مع كل جدول!». يتسلل الإحباط إليك، تحمل نفسك بخطوات متثاقلة، تُحضر الأوراق، وتبدأ المُذاكرة، أو هكذا تعتقد! يدك على خدك، تقلب الصفحة الأولى، وبحركة سريعة تلتقط القلم وتبدأ بكتابة اسمك على إحدى زواياها. «ما الذي أفعله، هذه آخر مرة سأقابل فيها هذه الملزمة؟ لماذا أكتب اسمي، وأنا لن آبه لضياع هذه الأوراق في يوم الغد؟ اللعنة! إنني أتهرب من المذاكرة مُجددا». يتسلل إليك إحباط أكبر هذه المرة، تقرر أن مزاجك ليس مُناسبا لأن تبدأ، وتقترح على نفسك إعداد كوب من القهوة كمحاولة لضبط صفائك الذهني. تذهب إلى المطبخ وتدير «غلاية القهوة» وأنت تلتفت إلى اليسار باتجاه مجلة مرمية على إحدى رفوف المطبخ، والتي لم تنتبه لوجودها طوال ستة أشهر سوى اليوم! تبدأ تصفحها، وبعد ساعة ونصف تنتهي من قراءتها على الرغم من أن معدل قراءتك لهذه المجلات في الأيام العادية لا يتجاوز سبع دقائق! وتجيب نفسك: «إنني أتهرب للمرة الثانية، يا إلهي!». تُعد كوب قهوتك التي نسيتها بسرعة، وتعود إلى مكان «المذاكرة» التي أبت أن تبدأ. تتناول قهوتك ببطء، وأنت تحرك الورقات. تحاول تذكر وقت المحاضرة، ويستمر خط الذكريات لتصل فيه إلى حفل غداء حضرته بعد ثلاثة أيام تلي هذه المحاضرة. يصيبك القلق، فأنت لا تستطيع التركيز، والساعة تقترب من التاسعة ليلا! تفتش في عقلك عن حل لهذا الخلل المزعج في تركيزك، وتتذكر كلام الطبيب الذي يوصي بتناول الأسماك لتقوية القدرات الذهنية، فتقفز بفرح: «وجدتها!»، وتخرج بعدها لتناول السمك. في الثانية صباحا تعود من الخارج، تستلقي على سريرك وتغط في نوم عميق.