مجتمعنا يعاني بطالة متفشية بين شبابه ويطالب دائما بحلول لهذه المشكلة، فوجدت السعودة كحل، لكنها أعطت نجاحات ضعيفة وغير مشجعة، ولست هنا بصدد تحليل المشكلة فهي أكبر من أن تكتب في سطور، لكن أحب أن أسلط الضوء على أحد عواملها - في اعتقادي - وهي في ثقافة العمل الخاطئة التي يعيشها شريحة من شبابنا بجنسيه، فقد تربى وسط طموح بني على وظيفة مكتبية بسيطة تقوم على توقيع أوراق وتنتهي مع منتصف النهار، وظيفة تعطيك عائدا ماديا مقبولا وذات مهام محدودة، وعادة ما تنطبق هذه المواصفات على الوظائف الحكومية نظرا لروتينية العمل، وبطء عجلة التغيير، والمستقبل الوظيفي ليس مشجعا والمكافآت المالية محدودة، لكن هذه الرغبات والطموحات الوظيفة لا تتماشى بتاتا مع احتياجات سوق العمل الذي يرتكز على قطاع خاص يتطلب مسؤولية احترافية عالية وإنتاجية عالية في زمن محدد. وهذه المتطلبات تجعل من التفكير في العمل لدى إحدى شركات القطاع الخاص مستبعدا، رغم أن في الدول المتقدمة يعتبر من يعمل في إحدى الوظائف الحكومية محدود الإمكانات وغير طموح، وعلى العكس يحظى موظف القطاع الخاص هناك باحترام واهتمام، فعمله في إحدى الشركات يعني طموحه العالي وحظه الوافر في الحصول على مكافآت مالية مجزية. إذا نحن بحاجة إلى تغيير تلك الثقافة ونبذها وزرع حب العمل في نفوس شبابنا حتى لو قضى نصف يومه خارج منزله، خصوصا للشباب حديثي التخرج، فما الميزة في شبابهم؟ ما فائدة أجسادهم اليافعة إذا لم يستثمروها باكتساب خبرات وتطوير مهارات؟ خصوصا في بداية التاريخ الوظيفي للشاب الذي يرغب وبجد في تكوين سيرة ذاتية مشجعة. قد لا يكون العمل في القطاع الخاص بتلك الروعة وهذا التفاؤل، لكنه بكل تأكيد مجال واسع لاكتساب الخبرة وتجربة أساليب متطورة ومتقدمة في آليات العمل وإن كان يعاني الموظفون السعوديون من إجحاف إدارات القطاع الخاص مع غياب جهة قوية تحمي وتحفظ حقوقهم إلا أنه يظل فرصة جيدة جدا للتطوير والتدريب.