كثفت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضغوطها على السودان، منذ أغسطس الماضي، من أجل ضمان عقد الاستفتاء الخاص بتقرير مصير جنوب السودان في موعده. ولا عجب في هذا الأمر نظرا لوجود مخاوف سابقة من أن ترفض الخرطوم عقد الاستفتاء أو قبول نتائجه، وهو ما كان من شأنه أن يجدد الحرب الأهلية التي توقفت بموجب اتفاقية السلام الشامل في عام 2005. وحذر مسؤولون وخبراء أمريكيون ونرويجيون من أن نتائج استفتاء التاسع من يناير، قد تجدد دوامة التوتر والعنف في المناطق المضطربة الأخرى مثل دارفور وجنوب كردفان ومناطق أعالي النيل، ما يهدد تكامل الشمال. وأشاروا إلى أنه من المرجح إلى حد بعيد أن يظل الوضع في شمال السودان وجنوبه «هشا» لفترة طويلة في المستقبل، وأن يطغى الجشع على الجانبين. وهذا يدعو بدوره إلى أن تحافظ أمريكا وغيرها من الأطراف الدولية الرئيسية على مستوى عال من التدخل والضغط للتوصل إلى اتفاق نهائي حول تقاسم الإيرادات وغيرها من القضايا المعلقة، في فترة الستة أشهر بين الاستفتاء ومولد الدولة الجديدة رسميا. وفي الواقع، ليس لدى أي من الطرفين مصلحة في إعادة إشعال الحرب الأهلية، وذلك رغم أن حوادث العنف - مثل تلك التي تسببت في حرق مدينة أبيي في مايو 2008 أو أي استفزاز متعمد، يمكن أن يطلق دوامة سريعة تخرج عن نطاق السيطرة. «يجب أن تكون أمريكا مستعدة للرد على أي احتمال»، حسب النائب الديمقراطي دونالد باين الذي دعا إلى وضع «تخطيط شامل للطوارئ» يكون تحت مراجعة مستمرة. وجاءت هذه التحذيرات وسط اليقين المتزايد بأن الاستفتاء سيؤدي إلى انفصال الجنوب بأغلبية ساحقة. ومن هذا المنطلق، يجب أن يعلق المجتمع الدولي اهتماما كبيرا ورفيع المستوى بتنفيذ اتفاقية السلام الشامل بين الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان. ويشكل عدم إجراء استفتاء أبيي «مصدر قلق كبير» لأمريكا وشريكيها في عملية التفاوض على اتفاق السلام الشامل، وهما بريطانيا والنرويج. كذلك فقد فشل الجانبان في إبرام اتفاق بشأن تقاسم عائدات النفط المنتج في كل من الشمال والجنوب في حال انفصال هذا الأخير، علما أن الاتفاق الحالي، الذي ينص على تقاسم عائدات النفط من الحقول الجنوبية بالمناصفة مع الشمال، سينتهي سريانه في يوليو المقبل.