حولت الحفريات غير المخططة والمدروسة لمقاولي مشاريع المياه والصرف الصحي والصيانة، حولت شوارع مدينة بريدة إلى مسخ مشوه وضحية لغياب التنسيق بين المؤسسات المعنية بالأمر، والرقابة من قبل الأمانة بعد أن تشققت وصارت مستباحة للمعاول والبلدوزرات من كل صوب وحدب، فما يكاد ينتهي مقاول من أعمال الحفر والدفن, إلا ويباشر مقاول آخر الحفر في المكان نفسه. عديد من المواطنين عبروا عن انزعاجهم من هذا التشويه وكثرة الحفريات، وطالبوا بالتصدي لعبث المقاولين ووضع نظام رقابي صارم يعيد تنظيم الشوارع لما كانت عليه من قبل، لاسيما أنهم يحصلون على ملايين الريالات مقابل تنفيذ تلك المشاريع. وقال كل من فهد الحمود وياسر الفايز إن ما يحدث لشوارع المدينة ينم عن جهل مطبق بألف باء تخطيط المدينة وكأنه سباق محموم لتشويه الشوارع: «أغلب الظن أن هذه السباقات تجري على قدم وساق في ظل غياب الإشراف, وعدم الالتزام بتطبيق المعايير الهندسية القياسية الصحيحة، وعدم التقيد بمبادئ وأسس التخطيط العمراني، فبدت الشوارع المنجزة مثخنة بالثقوب, ومكسوة بالمواد الإنشائية الرخيصة, وتكثر بها المرتفعات والمنخفضات والأنقاض بعدما كانت مستوية ونظيفة تسير فوقها السيارات بانسيابية شديدة، لا تسمع فيها صوتا، ولا تستوقفك فيها حفرة أو مطب». وأضافا: «استبشر السكان بمشروع استبدال الطبقات القديمة للشوارع ففوجئنا وللأسف برداءة الطبقة الجديدة التي أصبحت مليئة بالارتفاعات والانخفاضات، ولا أظن أن هذه الطبقة ستصمد أكثر من عامين». أما خالد اليحيى وعلي الحميد فذكرا أن الشوارع التي صرف عليها الملايين تحولت إلى ميادين مفتوحة لأهواء المقاولين فلا برامج مقننة ولا جداول زمنية ولا أسبقيات أو أولويات حتى وصل الأمر إلى وضع لا يمكن السكوت عليه: «المقاولون لا يلتزمون بتطبيق أبسط القواعد الهندسية المعتمدة في التخطيط العمراني وربما أدت هذه الحالة إلى إشاعة أجواء اللامبالاة والاقتناع بالأداء الشكلي وهو الذي انسحب بشكل مباشر وغير مباشر على جملة الوظائف والأنشطة الاقتصادية والمكانية والاجتماعية للمدينة». وقال كل من أحمد السنيدي وعبدالكريم الزيد إن من أبجديات أسس تخطيط المدن أن يتخيل المخطط أو المهندس ما سيكون عليه حال المدينة بعد عقود من الزمن وليس بعد خمس سنوات فقط لأن شوارع المدن ومبانيها ليست قطعا على لعبة أطفال قابلة للتغيير عند الرغبة أو الحاجة. وأضافا أن معايير الجودة وقواعد التوصيف النوعي وأسس التصاميم الحديثة المعتمدة على الصعيد المحلي والدولي تستدعي رؤية وأسلوبا جديدين في تنفيذ مشاريع تعبيد الطرق، وتتطلب تنفيذ المشاريع في إطار قانوني وهندسي ومستقبلي مدروس, وواضح المعالم للإدارة المحلية. وتستدعي أيضا الاستعانة بمشورة أساتذة الكليات والجامعات الذين يمتلكون خبرات طويلة في المجالات الهندسية التطبيقية والاستئناس بأفكارهم وآرائهم ومقترحاتهم وملاحظاتهم