جرت أمس وقائع الاحتفال السنوي بتسليم جائزة نوبل للسلام لعام 2010، في العاصمة السويدية «أوسلو»، ولكن عريس الحفل كان غائبا، أو مغيبا، لأنه منشق صيني يدعى «ليو تشياوبو» 54 عاما الذي حكم عليه في ديسمبر 2009 بالسجن 11 عاما بتهم التخريب بسبب مطالبته بالديمقراطية، بعدما شارك في توقيع عريضة جريئة تدعو إلى إصلاح ديمقراطي في الصين. وأشاد مجلس النواب الأمريكي بليو تشياوبو، ودعا السلطات الصينية إلى الإفراج عنه، فيما اعتبرت الصين ذلك القرار بأنه خطوة متغطرسة وغير عقلانية، ووصفت أعضاء لجنة نوبل بأنهم «مهرجون»، ومن غير المتوقع أن يحضر أي ممثل عن المنشق الصيني لتسلم الجائزة التي منحت له في أكتوبر الماضي، حيث فرضت الصين على زوجته ليو تشيا الإقامة الجبرية منذ ذلك الحين، ويتعرض أفراد آخرون من العائلة لضغوط من أجل عدم التحدث علنا، فيما تلقى الكثير من المنشقين من زملاء ليو تحذيرات بعدم الحضور أو حتى منعوا من مغادرة الصين. واستخدمت الصين المؤتمرات الصحفية الرسمية ووسائل الإعلام الرسمية لشن الحملة على لجنة نوبل ورئيسها «ثوربيورن ياجلاند»، معتبرة أن تكريم ليو يشبه «تشجيع الجريمة»، وشنت بكين حملة علاقات عامة دولية قبيل تنظيم الاحتفال أسفر بالفعل عن إحجام العديد من دول العالم عن حضور الاحتفال، وأشارت صحيفة «جلوبال تايمز» الصينية في تعليق لها الخميس إلى مؤامرة غربية ضد بكين. وليست هذه هي المرة الأولى التي تمنح فيها جائزة نوبل لمعارض أو منشق أو حقوقي، بل سبق منحها للعديدين خلال العقود السابقة، مما أثار جدلا واسعا في العالم حول تسييسها، واستخدامها كوسيلة للضغط على بعض دول العالم، ومن هؤلاء الزعيم الأمريكي من أصول إفريقية مارتن لوثر كنج، والذي كان من أبرز المطالبين بإنهاء التمييز العنصري ضد بني جلدته، ففي عام 1964م حصل على جائزة نوبل للسلام، وكان أصغر من يحوز عليها، حيث كان عمره آنذاك 35 عاما فقط. وفي العام نفسه أطلقت مجلة «تايم» على كينج لقب «رجل العام» فكان أول زنجي يمنح هذا اللقب واغتيل في الرابع من إبريل عام 1968 ببندقية أحد المتعصبين البيض، ويعد يوم الاثنين الثالث من كل شهر يناير وهو يوم ولادته عطلة رسمية في أمريكا، حيث اعتبر مارتن لوثر كنج من أهم الشخصيات التي دعت إلى الحرية وحقوق الإنسان. ومن الفائزات بها «أونج سان سوتشي» زعيمة المعارضة في بورما، التي فرضت عليها الإقامة الجبرية لفترات متقطعة بلغت 15 عاما على مدى ال21 عاما الماضية، منذ عام 1989، وكانت سوتشي قادت حزبها عام 1990 في الانتخابات لتحصل على أعلى الأصوات، مما كان سيترتب عليه تعيينها في منصب رئيس الوزراء، ولكن النخبة العسكرية رفضت تسليمها مقاليد الحكم، وبدلا من أن تصبح رئيسة الحكومة الشرعية في البلاد بموجب الانتخابات، تم تغييبها عن الساحة السياسية على مدى عقدين من الزمان، حيث حصلت في العام نفسه على جائزة نوبل للسلام، ومن أجل دعمها للنضال السلمي فازت أيضا عام 1992 بجائزة جواهر لال نهرو من الحكومة الهندية. كما حصلت على عدد من الجوائز العالمية في مجال حرية الفكر، وتم توقيفها آخر مرة في أغسطس 2009 حيث حكم عليها بالإقامة الجبرية 18 شهرا إضافيا، وقد أفرج عنها في نوفمبر الماضي. كما فازت بها شيرين عبادي عام 2003، وهي محامية إيرانية كانت أول قاضية في إيران قبل الثورة، ولكنها أجبرت على الاستقالة بعد الثورة عام 1979. ولم تتمكن من معاودة ممارسة مهنة المحاماة إلا في سنة 1993، حيث دافعت شيرين عن عدة معارضين سياسيين في سنة 2002 كتبت مسودة قانون ضد الاعتداء الجسدي التي صوت لها البرلمان الإيراني. وكان الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي يتغاضى عن أنشطة عبادي، كما أن الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد لم يتخذ أي إجراء ضد مكتب عبادي خلال السنوات الثلاث الماضية. وكانت مكانة عبادي الدولية عاملا أساسيا في الحيلولة دون اتخاذ إجراءات حكومية ضد أنشطتها الحقوقية والأكاديمية، وهي تدرس حاليا في جامعة طهران