روعة اللغة.. سهولة العبارة.. غصة المنفى.. ألم الذكريات.. بتلك الكلمات أقدم «رأيت رام الله». هذه الرواية من الروايات «صعبة الشعور» فأحيانا أقرأ صفحة وأقف كثيرا.. لأن الشعور صعب. صعب حتى أن أفهمه.. صعب أن أقرأه مجرد قراءة. يتحدث المؤلف هنا عن أيامه القديمة في رام الله.. عن الهزائم والنكبات.. عن جمال العيش ثم الانتقال إلى الغربة مباشرة.. عن العائلات الفلسطينية وبطولاتها الصغيرة الكبيرة.. عن الأخ الأكبر الفلسطيني.. عن الأم الفلسطينية.. يتحدث عن سفره للدراسة وعودته لرام الله بعد أن تجاوزته تلك السنون عوضا عن أن يتجاوزها هو.. يصف غربته خارج بلاده.. يتحدث عن بعض الأوضاع السياسية. أيضا يولي الكاتب الكثير من الأهمية للشعور الإنساني للغريب والمنفي، لم يتناوله من جوانب سياسية أو اجتماعية.. بل هو حديث إنساني بحت لا تحتاج أصلا إلى أن تكون مناهضا للقضية الفلسطينية حتى تتعاطف.. أعتقد أن أي إنسان لا يعرف القضية الفلسطينية - الغرب مثلا - سيشعل هذا الكتاب فيهم الرغبة في القراءة ومعرفة الحقيقة المغيبة أكثر وأكثر.. هذا الكتاب كفيل بجلب انتباههم وتعميقهم داخل النفس الإنسانية المسلوبة الحقوق.. تقديم الشعور الإنساني البحت لهم.. هي أشبه بمذكرات غير مرتبة ربما.. منسوجة في حبكة رائعة.. وتنقلات زمنية مشوقة.. آخر فصل.. كان قاتلا بكل بساطة.. أنصح بقراءة الرواية كمدخل للتعرف على الشعور الفلسطيني. Nawal saad شعرت وكأني أقرأ قصيدة قصيرة من ثلاثة أسطر! هنا في «رأيت رام الله» ترى صورة الحياة والإنسان وسنوات القهر والعزلة والوطن المسلوب، هي حياة «مؤقتة»، كما يؤكد عليها مريد، تسير بصورة درامية غير مخطط لها. هذه السيرة الذاتية رغم كم الألم الذي تحمله هي كتاب مفتوح ممتع للغاية يشرح فلسطين وأهلها ومشاعر كل فلسطيني في المهجر وفي الأرض المحتلة وفي المعتقل، شكرا لمريد الذي كتب بعمق وبساطة ولغة شعرية فائقة جدا. عجيب كيف تجتمع اللغة الرقيقة الشعرية مع الألم وحكايا الموت والظلم والقهر والعدوان؟ فكم هي «رأيت رام الله» سيرة منصفة يحكيها كل طفل وشاب وشيخ وعيون أمهات وزوجات وأرامل وثكلى منذ ولدن وحتى قبرن.. أذاقنا مريد طعم التين والزيتون الفلسطيني، أذاقنا حسرة اقتلاعه وتجريفه. الكتاب الجيد هو الذي يحركك حتى النهاية وهذا كتاب من فئة خمس نجوم. Samar Almossa هي سيرة ذاتية عذبة تمتزج بها تلقائية النثر وعذوبة وسحر الشعر، في سلاسة متناهية وحميمية السرد عبر كلمات الكتاب من أول صفحة إلى آخر صفحة، كأن الكاتب يجلس معك ويحدثك بكل تفان وصدق حديث الأصدقاء الحميم. هي مشاعر جياشة ينضح بها الكتاب؛ يحدثك بذكريات ومكنونات دير غسانة فتشعر بأنك ولدت هناك أيضا وتشعر بطعم الزعتر وزيت الزيتون في فمك مجتمعة مع مرارة النكبة والشتات والفقدان وأمل العودة مرة أخرى. أعجبت بأسلوب مريد في عرض القضية بشكل جميل جذاب، خال من كليشهات معظم الكتاب الفلسطينيين المعتادة ومرارة الحديث عن أن العرب باعوا القضية وأن الفلسطينيين ملائكة والكل متآمر عليهم؛ ولكن بكل صراحة وصدق الحديث قال مريد ما لهم وما عليهم، فهم في النهاية بشر منهم الملائكة ومنهم الشياطين أيضا، ومنهم من عمل للقضية ومنهم من خانها أيضا. طوال قراءتك الكتاب يشاركك الكاتب أفكاره ومعتقداته، من خلال أسئلة ومناقشات وحوارات مع من يلتقيهم بعيدا عن المزايدة والمبالغات السقيمة. Haytham