دأبت أمريكا على انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان في دول العالم، ولا سيما في دول العالم العربي والإسلامي، ويزخر تقرير حقوق الإنسان الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية سنويا بالعديد من الملاحظات على ممارسات الكثير من دول العالم إزاء حالة حقوق الإنسان بها، ويصل الأمر بواشنطن إلى تطبيق عقوبات اقتصادية أو سياسية تجاه هذه الدول، ولكن أمريكا نفسها كانت على موعد أخيرا مع مناقشة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لسجل انتهاكاتها لحقوق الإنسان. واضطرت زعيمة حقوق الإنسان في العالم إلى أن تقف وللمرة الأولى أمام محفل دولي موقف المتهم وتقدم فيه تقريرا تعترف فيه ببعض هذه الانتهاكات، وتبرر البعض الآخر، وتدافع عن نفسها أمام «47» عضوا يمثلون دولهم في المجلس، ولا سيما في مواجهة انتقادات واتهامات الخصوم، وفي مقدمتهم كوبا وفنزويلا وإيران، ودعوتها إلى إغلاق معتقل جوانتناموا سيء السمعة، تنفيذا للوعود التي أخل بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بداية فترته الرئاسية، ومراكز الاعتقال والسجون السرية في جميع أنحاء العالم التي تخضع لإشراف أجهزة الاستخبارات الأمريكية، والتحقيق في تورط الجنود الأمريكيين في عمليات تعذيب وقتل واستهداف للمدنيين العزل في الخارج، ولا سيما في العراق وأفغانستان، وتقديم تعويضات للضحايا، وإنهاء التمييز ضد الأقليات والمهاجرين. وأمام هذا الهجوم اعترف «مايكل بوزنر» مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل «إننا غير راضين عن الوضع الراهن، وسنواصل العمل لضمان أن تكون قوانيننا عادلة، وتطبق بعدل»، فيما أوضح «هارولد كوه» المستشار القانوني في الخارجية الأمريكية أن إدارة الرئيس باراك أوباما بدأت تطوي صفحة الممارسات المنافية لحقوق الإنسان في عهد سلفه جورج بوش الابن، وتضمن معاملة المعتقلين معاملة إنسانية على حد قوله. يذكر أن أمريكا لم تنضم لأهم معاهدة متعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعد من أهم وثائق حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وأعلنت لجنة حقوق الطفل في المنظمة الدولية أن أمريكا أحد أكبر المنتجين والمروجين لفساد الأطفال، كما تعد إحدى دولتين فقط في العالم لم تنضما إلى المعاهدة الدولية لحقوق الطفل، ورصدت تقارير حقوقية أنه منذ عام 2001 لقي 334 شخصا مقتلهم إثر تعرضهم للأدوات المولدة للصدمة الكهربائية من قبل الشرطة الأمريكية. وكانت حكومة الرئيس بوش تتجاهل مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وتصفه بالنفاق والانحياز ضد إسرائيل، ولكن إدارة أوباما أيضا تقف نفس الموقف فيما يتعلق بإسرائيل، حيث قال المبعوث الأمريكي إلى مجلس حقوق الانسان ،ريك بارتون، «إن واشنطن لا تزال تشعر بخيبة أمل من جراء الموقف غير المتوازن والمتحيز للمجلس من وضع حقوق الإنسان في «إسرائيل» والأراضي الفلسطينية، وأن بلاده لا يمكنها مساندة قرارات المجلس التي تستهدف الكيان الإسرائيلي»، وقال «إن هذه القرارات تحاول نزع الشرعية عن الحكومة الإسرائيلية»