أعتقد أن كون الديوان هو الأخير لدرويش قد يؤثر على رؤيته وتقويمه، فنحن عاطفيون بطبعنا، والكلمات الأخيرة لها قيمة كبيرة دائما؛ لذا سأحاول أن أكون موضوعيا. الديوان به عدد كبير من القصائد لا تقف كلها على أرض واحدة، بل ويكاد يكون تراكميا مع شيء من الترابط.. هناك بعض مناطق الاضطراب الموسيقي، ليس منها تنويعه المعتاد بين فاعلن وفعولن في القصيدة الواحدة، والتي صرت- شخصيا- لا أرى بها بأسا، وهذه المناطق كثير منها يمكن إصلاحه بتعديل بسيط مثل إضافة كلمة، مما يوحي بأن هناك بعض الأخطاء المطبعية، لا أظن درويش يسقط في مثلها، ولا أظن أنه يقع في كسور كتلك التي وجدتها، وأرجح أنها أخطاء مطبعية. أيضا من الملاحظات الموسيقية ظهور القصائد العمودية أو ثنائية الأشطر بدرجة ملحوظة، وهو ما يؤكد أن هذا القالب ما زال به مساحات من الإبداع لمن يجيد استغلاله، ودرويش قد فعل. كتاباته على البسيط جميلة، وقد كتب عليه كذلك قصيدة حرة وإن جاء تحرير الأسطر متحفظا بعض الشيء. سوى القصائد الماسية، جاءت عدة قصائد عادية وأحيانا أقل من عادية. هناك قصائد أحسست فيها بالإهمال أو التسرع في الصياغة، كأن درويش كتب أول ما جال بخاطره ولم يعد النظر فيه. قصيدة «إلى شاعر شاب» جاءت أقرب إلى مجموعة من الحكم أو الأقوال المأثورة التي جمعت معا ونظمت بأسرع طريقة ممكنة، ورغم ما تحمله هذه الوصايا من خلاصة تجربة درويش، فإن الصياغة أضعفتها وحملت رسالة خفية إلى الشاعر الشاب تناقض الرسالة الأصلية!. إجمالا، قصائد الديوان متفاوتة المستوى، بعضها يرفع المرء لآفاق من المتعة، وبعضها يستحق الحذف دون لحظة ندم. بثينة العيسى ديوانه الأخير يشبه قبضة دافئة وقوية على أيدينا المنهكة التي امتدت في مصافحة شاحبة.. وداعا أيها العالم الشعري المتفرد، حيث العشب والخصب والظباء والتلال والأقمار وأوتار القيتارة! وداعا درويش، رحيلك خرم شاسع يجتاح واقعنا الثقافي، ومشهدنا الشعري الهزيل، وداعا أيها اللايشبه إلا نفسه. شعره جعلنا نرى الجميل والغرائبي والواقعي والجوهري والرمادي والهامشي! شعره جعلنا أكثر وعيا بقدراتنا كبشر؛ لأن شعره جعلنا- وما زال يجعلنا- أكثر إنسانية مع كل حرف. Faisal Al Sager هذا الديوان صدمة لي. دواوينه السابقة أفضل بالنسبة لي. Nezar Shehabuddeen