درس مهم خلصت إليه الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، ملخصه أن التزام الشركات السعودية التي تحولت من القطاع العام إلى قطاع الأعمال ب»الحوكمة»، سيضمن لها عدم الوقوع في براثن أزمات اقتصادية، كتلك التي عصفت بالاقتصاد العالمي العام الماضي. وحذرت دراسة حديثة للغرفة من تحول مفهوم الحوكمة من إجراءات واجبة التطبيق من أجل النجاح الاقتصادي، إلي وسيلة للدعاية وتلميع صورة الشركات لدى وسائل الإعلام والرأي العام. ودعت الدراسة إلى ضرورة تشكيل لجان عمل مشتركة بين الحكومة والجهات المستقلة لإجراء مراجعات شاملة للمعايير والمبادئ التي تعمل في ضوئها مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية لشركات قطاع، بما يؤدي إلى ضبط معايير حوكمتها بما يحميها من أي طارئ. كما طالبت الدراسة بإجراء تقييم شامل لأداء لجان وجمعيات المحاسبة والمراجعة والرقابة لتحديد المجالات التي تستوجب التغيير أو التعديل بما يضمن تعزيز استقلاليتها. وبنت الدراسة التي أصدرها مركز البحوث والدراسات بقطاع المعلومات بالغرفة، توصياتها على نتائج توصلت إليها حول الأسباب الحقيقية للأزمة المالية العالمية ومن بينها ضعف حوكمة الشركات. ووجدت الدراسة أن الأزمة ترجع لرداءة وأخطاء نموذج العمل المصرفي الاستثماري الأمريكي، وسلبيات الرهن العقاري في الاقتصاد الأمريكي، وظهور صناديق سيادية بلا رقابة، فضلا عن الإجراءات الخاطئة لخصخصة الشركات، وفشل الحكومة والممارسات الخاطئة في الشركات الكبرى. وتشير نتائج التحليل الذي اعتمدته الدراسة إلى أن العديد من المسببات ترتبط بحوكمة الشركات، مشيرة إلى أن غياب الحوكمة تسبب في حدوث هذه الأزمة أو على الأقل عزز من انتشار عدواها. وعدد التقرير مظاهر هذا الغياب بوجود نوع من التحايل وسوء الإدارة والممارسات الخاطئة للإدارات التنفيذية في العديد من الشركات الكبرى، وظهور الكثير من حالات الفساد المالي والإداري لشركات عالمية كبرى، وعدم جدوى وفاعلية مجالس الإدارات في منع هذا الفساد. فضلا عن التشكيك في مدى مصداقية بعض شركات المحاسبة والمراجعة وجودة المعايير المهنية التي تستند إليها. إضافة إلى عدم انضباط العلاقة بين إدارات الشركات ومجالس إداراتها وبين أصحاب المصلحة والمساهمين، بحيث أصبح لا يوجد ما يضمن كفاءة اختيار هذه الإدارات والمجالس بما يحقق مصلحة المساهمين والمجتمع في هذه الشركات. وشددت الدراسة على أن الأزمة المالية ليست أزمة ترتبط بخلل في أسس أو متغيرات اقتصادية كلية بقدر ما هي نتيجة لخلل في تطبيق القواعد أو الأسس الاقتصادية التي تم بناؤها وخاصة داخل الاقتصاد الأمريكي الرائد. وقد استنتجت الدراسة أن الحوكمة تمثل حلا ليس للأزمة المالية المعاصرة فقط ولكنها طريق لمنع تكرارها مستقبلا. مما يستوجب الاهتمام بحوكمة الشركات، بمعاييرها ونظمها وإجراءاتها مما يسهم في إرساء القيم الديموقراطية والعدل والمساءلة والمسؤولية والشفافية في هذه الشركات. وحددت الدراسة ثلاثة متطلبات لحوكمة الشركات، تتلخص في: تهيئة المناخ الصحي للحوكمة، والحوكمة الداخلية للشركات، والحوكمة الخارجية. وخلصت الدراسة إلى أن غالبية الأزمات الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد العالمي خلال القرنين الماضيين تصنف على أنها أزمات مالية لأنها ترتبط بشكل أو بآخر بجوانب مالية بحتة. كما أن الإجراءات الخاطئة لخصخصة الشركات ربما تعد ثاني أهم سبب وراء حدوث الأزمة، إضافة إلى تحول معايير الحوكمة من معايير واجبة التطبيق إلى مظاهر تسعى الشركات لاستخدامها فقط في المحافل الرسمية لتلميع صورتها لدى أصحاب المصلحة والرأي العام .