تدور منذ أيام حرب باردة بين الصين من جهة، وأمريكا واليابان وغيرها من الدول التي تستخدم معادن الطاقة الخضراء من جهة أخرى. وتطالب الأخيرة بفرض ضغوط على الصين من أجل تخفيف قيودها على تصدير هذه «الأتربة النادرة» التي تستخدم بشكل أساسي في الصناعات الإلكترونية الدقيقة والسيارات الكهربائية والبطاريات والحواسيب ومنظومات الصواريخ الدفاعية وغيرها، وتعتبر مادة حيوية للصناعات المتطورة. وتهيمن الصين على أكثر من 97 % من السوق العالمية للمعادن النادرة. وهي عبارة عن موارد شحيحة وغير متجددة وتتكون من 17 مادة كيميائية. تستخدم أبرز الشركات الأمريكيةواليابانية المعادن النادرة التي تتمتع بخواص مغناطيسية وضوئية في تكنولوجيا الطاقة الخضراء النظيفة لصنع عدد كبير من المنتجات تتراوح بين الأجهزة الرقمية النقالة والأسلحة والصناعات الصديقة للبيئة مثل مصابيح الإنارة الاقتصادية، وتوربينات الهواء الضخمة، والسيارات الهجينة. وتفرض الصين منذ فترة قيودا على تصدير هذه «الأتربة النادرة» بل وأوقفت صادراتها إلى أمريكا احتجاجا على تحقيق فتحته واشنطن، حسب صحيفة «نيويورك التايمز» التي ذكرت أن بكين قررت سرا تطبيق هذا الإجراء. والتحقيق الذي أثار غضب الصين يتعلق بمئات مليارات الدولارات يعتقد أن بكين ضختها لمساعدة مؤسسات متخصصة في الطاقة الخضراء بهدف ترسيخ هيمنة الصين على هذا القطاع الذي يشهد نموا كبيرا. وكانت اليابان أفادت أن الصين استخدمت وسيلة الضغط هذه للتنديد باحتجاز طوكيو قبطان قارب صيد صيني كان يبحر في مياه متنازع عليها بين البلدين في بحر الصين الشرقي قبل أن يفرج عنه في نهاية المطاف. وتتكون «الأتربة النادرة» من 17 مادة كيميائية بينها السكانديوم والإتريوم واللنثانوم. وبدأ اعتماد العالم عليها يتزايد يوما بعد يوم. والمشكلة الوحيدة التي تعترض طريق هذه «الفلزات الأرضية»، أن معظمها يستخرج من الصين، حيث أثارت هذه الهيمنة قلق الغرب واحتمال سيطرة الصين على تقنيات المستقبل والطاقة الخضراء. ومع أن الصين تسد الآن 97 % من طلب العالم لهذه الأتربة، إلا أن احتياطياتها تحتل 30 % فقط من إجمالي الاحتياطي العالمي. والأهم من ذلك، ظلت أسعار الصادرات عند المستوى المنخفض جدا بسبب المشكلات الموجودة في صناعة هذه الأتربة، والمتاعب البيئية التي يسببها استخراجها. ولذلك قامت الحكومة الصينية بتعزيز الرقابة على عمليات الإنتاج والتصدير في الأعوام الأخيرة، واعتبرتها إجراءات داخلية. وحاولت اليابان والاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي تستخدم هذه العناصر، فرض ضغوط على الصين من أجل تخفيف قيودها على تصدير «الأتربة النادرة»؛ ما أدى إلى أن ترد الصين بقوة، حيث أكد متحدث باسم وزارة التجارة أن «إدارة استخراج وإنتاج وتصدير الأتربة النادرة تتماشى تماما مع المعايير الدولية وقواعد منظمة التجارة العالمية». وأضاف أن بلاده «لن تتجاهل طلب العالم ولن تتخذ الأتربة أداة للمساومة» دون أن يحدد الموعد الذي ستستأنف فيه الصادرات. وصدرت الصين منذ بداية العام الجاري أكثر من 24 ألف طن من هذه المواد. علما بأن هناك بعض الدول التي تشتري «الأتربة» من أجل إنشاء احتياطي وطني بدلا عن الاستخدام الفوري. وتعتبر اليابان من الدول الأكثر استخداما للأتربة النادرة وأقلها إنتاجا، حيث استوردت كميات كبيرة منها يكفي لاستخدام عشرات الأعوام بأسعار منخفضة