كنت قد ذكرت في مناسبة سابقة النشوة التي ترافقني حين سماعي للموسيقى المخلوقة من الآلات الوترية، فهذه الآلات «العود – القانون – الكمان» من الصعب أن يجيد أي أحد التعامل بها، هي بالنسبة لي أصعب من التعامل مع أصابع البيانو، وأي خلل بسيط في التعامل معها أو النوتة يعني إفساد المقطوعة بأكملها. واليوم؛ وجدت هذه الفرقة مصادفة في صفحة العزيزة عائشة على فيس بوك، كانت في الحقيقة صدمة بالنسبة لي. فرقة «الثلاثي جبران» كما هي مشهورة به عالميا، هي فرقة فلسطينية الأصل، منبعها مدينة الناصرة، وتعتمد في مقطوعاتها على العود، وتتكون من ثلاثة إخوة: سمير، وسام، وعدنان جبران، والعائلة بأكملها موسيقية؛ فالأم هي ابتسام حنا جبران مغنية الموشحات، ووالدهم حاتم جبران من أشهر صانعي العود في فلسطين والعالم العربي. بدأت الفرقة بإصدار سمير جبران «الأخ الأكبر» ألبومه الموسيقي الأول «تقاسيم» عام 1996م، ثم الألبوم الثاني «سوء فهم» عام 2001م، ثم شاركه شقيقه الأصغر وسام في ألبومه الثالث «تماس» عام 2003م. ثم كان عام 2004م النشأة الحقيقية للفرقة بانضمام «عدنان»، فكان أول ظهور جماعي للفرقة في حديقة «لوكسمبورج» الباريسية. وأصدرت الفرقة حتى الآن ثلاثة ألبومات: ردندنة عام 2005م، مجاز عام 2007، ثم في ظلال الكلمات عام 2009م والتي احتوت معزوفات تواكب قصائد الشاعر الراحل محمود درويش. أن تبدأ صباحك على معزوفات موزارت أو تشايكوفسكي وياني وسط اختناقات المدن، فهذا حدث جميل، لكن أن يبدأ يومك وينتهي بمعزوفات القانون والعود فهذا شيء آخر أبعد عن الكلام. لطالما أبهرتني الموسيقى العربية الأصيلة، تلك التي تخلق أجواء خاصة من الحميمية والاسترخاء والتأمل وتصفية الذهن التي تحفز الإنسان على العمل والإنتاج. ما يثير تعجبي واستيائي هو إغفال هذا النوع من العزف الجميل، أن تنشأ الفرقة في باريس عوضا عن أي مدينة عربية أخرى، أن تعرف وتنتشر في الوسط الأوروبي - والغربي بشكل عام - أكثر من انتشارها لدينا على عكس الموسيقى المسيئة للأخلاق والذوق العام، والعجيب أن لديهم مشاركات سينمائية عديدة. هذه الفرقة تستحق أن يسمع لها الجميع، أن ينصت الجمهور ويقف احتراما وتقديرا لأعمالها. مدونة: عالم أسماء