قد تكون من واقع خبراتك آمنت بشيء ما، واكتشفت بعد حين أنه غير صحيح، لأن الممارسة تمنح الأدلة، وطرقا مختلفة، ورؤية مغايرة. والإنسان الناجح مرن لتقبل الجديد، ونبذ ما ثبت خطؤه، ذاك لا غبار عليه، إنما في تعاملنا مع الآخر هنا يكمن التحدي الكبير لمستوى إنسانيتك، فما تراه أنت صحيحا قد يراه الآخر خطأ، وما يروقك يسوء غيرك، لاختلاف معاني الأمور عند البشر، بين مهم وتافه، وعقلاني وخرافي. ولنتحدث عن أرقى التعاملات الإنسانية كاحترام الآخر، بأفكاره ومبادئه، التي تقرر سلوكه واهتماماته، فلا شيء يخلق الكراهية والتمرد كمصادرة الحريات بذريعة اعتقاد امتلاك الحقيقة والصلاح، لأن الإنسان يعتبر ما هو عليه صحيحا بالنسبة له، والتدخل بينه وبين ذاته وقاحة وتجبرا وظلما، كأنك باختصار تنسف تاريخه وتسفه معتقداته. يكفي أن تكون أفكاره كممتلكاته التي تعيث فيها فسادا بأي ذريعة كانت، وهي أصل معاناة أي جماعة تكابد التطاحن وتراشق التهم، ليس لأن أحدهم على حق والآخر على باطل، إنما الاحترام مرهق بسبب تداخل المساحات، والحدود ذائبة في جحيم النصائح الفجة. وكما يقول المؤلف والكاتب الأيرلندي أوسكار وايلد: «لا تتكلم باحتقار عن مجتمعك، فأولئك الذين لا يستطيعون الاندماج فيه هم من يفعلون ذلك»، فإن ما يحدث في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء والمجالس وصولا إلى الشارع يعطينا تصورا لما ينقصنا. فكم من مرة منعك الأدب أن تقول لأحدهم: «وش دخلك»، أو اضطررت أن تتخذ موقف المدافع عن أفكارك وسلوكياتك، رغم أنه من أبسط حقوقك أن تكون كما أنت، دون أن تجامل وتحابي في سبيل السلامة من الهجوم عليك ومن ثم تصنيفك ضمن الفئات المريبة! فعندما نعيش الاحترام لن نجد من يستبيح الخصوصيات ويتدخل حتى في الهواء الذي نتنفسه، ما لم يؤد إلى ضرر متعد على مساحة الآخر وحياته، هنا يمكن أن نقول: لا، وباحترام أيضا. خارج النص: لبعض المشاعر ميلاد وموت.. فاحرص أن تصل مبكرا.