تسارع حجاج كشميريون فور وصولهم إلى مكةالمكرمة, ليبثوا همومهم وأحزانهم أمام الشاخص بجبل الرحمة بمشعر عرفات, وطفقوا يتباكون في مشهد كان غريبا معه غياب القائمين على مسائل الوعظ والإرشاد والتوجيه. ويتبارى هؤلاء في بث شكواهم والدخول في موجات عارمة من البكاء بصوت عال, وهم ممسكون بالشاخص ويستندون إليه حينا، وبينهم المطلقة التي ذرفت أدمعها أملا في الرجوع إلى زوجها بعد أن بلغت من العمر عتيا متحسرة على عدم مرافقته لها في رحلة الحج بسبب الانفصال حيث قدمت مع ابنها الأكبر, وأخرى تندب حظها العاثر وهي تتشبث بالشاخص تستنجد برحمة المكان بعد أن فقدت ابنها في إحدى المنازعات بكشمير, وآخر تارة يضرب رأسه عمدا بالشاخص، وتارة يلطم خديه وهو يجلس أمامه وقد طغى عليه البكاء والنحيب ولسانه يلهث بالدعاء القاسي بحق أحد المشاهير من رجال الأعمال بموطنه بعدما استولى على ممتلكات وعقارات خاصة به. وغير ذلك من القصص الأخرى التي تنم عن جهل بالدين، وبحسب المترجم محمد عبدالرحمن المرافق للحجاج الكشميريين فإن الاعتقاد الجازم لدى هؤلاء بقدسية المكان, وإجابة الدعاء أمور لا تقبل النقاش، إذ لطالما اقتنع الكثير من بني جلدته بها, ورغم عدم إيمانه بمثل هذه الممارسات المبتدعة فإنه لا يملك سبيلا للخوض في الحديث معهم في هذا الجانب, لذا يحرص على الترجمة خلال مرافقتهم وتسهيل تحركاتهم. ويؤكد أحد الباعة الجائلين توافد العديد من الحجاج هذه الأيام إلى جبل عرفات للتبرك والتقاط الصور التذكارية, مشيرا إلى غياب المعنيين بالتوعية الإسلامية ممن يتعين وجودهم باستمرار في المشاعر المقدسة لمنع انتشار البدع بين وفود الحجاج، وذلك ما دحضه مدير إدارة الأوقاف والتوجيه والإرشاد بمكةالمكرمة الشيخ بكر مير، مشددا على أن إدارته نشرت أعضاءها في كل المواقع الحيوية التي يكثر تردد الحجاج عليها من أجل توعيتهم وتقديم جميع ما يحتاجون إليه للتفقه في أمور دينهم. وأشار الشيخ مير إلى أن إدارة الأوقاف استعانت بالعديد من المترجمين بمختلف اللغات لضمان سهولة ويسر إيصال التوجيهات والإرشادات للحجاج، كما أنه تم تزويد مكاتب التوجيه المنتشرة بالمشاعر المقدسة بالوعاظ التابعين للشؤون الإسلامية لأداء مهامهم بما يتناسب مع ديننا الحنيف.