في المشهد أربعة من الأصحاب يتشاركون أريكة واحدة، يتابعون مباراة تجمع ناديهم المفضل والنادي الذي لو كان لهم الأمر لحولوا مقره إلى مركز تجاري أو مستشفى أو حتى إلى «مقبرة»! تبدأ مباراة «النار» كما تقول الصحافة، ومباراة «كسر العظام» كما تروج لها منتديات الأندية! تتقدم دقائقها، ومع كل صافرة يطلقها الحكم معلنا عن خطأ هنا أو هناك، يتناوب الأصحاب الأربعة بالتساوي إطلاق الشتائم على حكم المباراة الذي يصبح في تلك الظروف هو المسؤول الوحيد عن ضعف مستوى الفريق وتدهور دفاعه وضياع هجومه وسذاجة حارسه وعن الإعداد النفسي للفريق وعن سوء أرضية الملعب وعن تأخر الطائرة أيضا! ومع تقدم عمر المباراة أكثر وأكثر تمتد هذه الشتائم لتشمل كلا من لجنة التحكيم ولاعبي الفريق الآخر بل لاعبي فريقهم المفضّل ومدربي الفريقين واختصاصي العلاج الطبيعي ومعلق المباراة ومدير الملعب! بل إن كل واحد من الأصحاب الأربعة تطوله من حيث لا يدري بعض هذه الشتائم من جاره المباشر له! يستمر هذا السيناريو لمدة تسعين دقيقة هي زمن المباراة، لا يفصل بينها سوى ربع ساعة فقط لارتداد الأنفاس واستحثاث العقل الباطن لإخراج كل ما في جعبته من الكلمات النابية والألفاظ المناسبة لمثل هذا الحدث، فهو حتما سيحتاج إليها في شوط المباراة الثاني فيما لو لم تجر الرياح بما لم يشته فريقه! في نهاية المباراة سيتلقى الحكم سيلا جديدا من الشتائم إن خسر الفريق بسبب تحامله الواضح والفاضح ضد فريقهم رغم أن مدافع الفريق قد تكفل بتسجيل هدف في مرماه! أما إن فاز الفريق فلن يكون الحكم بمأمن عن الشتائم التي ستطوله تحت بند حرمان الفريق من تسجيل أكبر قدر من الأهداف! حالة احتقان شديدة يشهدها الشارع الرياضي هنا، تغذيها بعض الملاحق والصحف الرياضية والمنتديات المتعصبة التي تخرج للمشجع الرياضي في يوم مباراة فريقه ب «مانشيتات» تصلح لشحذ همم جيش كامل لينتصر في معركة حربية وليست لفريق يذهب للعب مباراة كرة قدم!