تأبطت الصبر بداية هذا الأسبوع متحملا وعثاء «السفر» بين طرق الرياض وكآبة القيادة عليها، ميمما وجهي شطر النادي الأدبي المنزوي هناك. كان علي أن أنبش بالسيد «قوقل إيرث» والذي لولا نعمة وجوده لرأيتم شخصا يسأل المارة: «لو سمحت شفت لي نادي أدبي ضايع هنا؟!» ولن أتعجب لو رد عليّ أحدهم: «هو يلعب بدوري زين»..!. كان الحضور - وهي عادة ثقافية - يعد على أصابع اليد اليمنى، فكانت الكراسي شبه فارغة بما فيها الصف الأمامي الشهير. هنا لست ألقي باللوم على شماعة المنشغلين بالنادي فهم فعلوا حسنا وبذلوا ما يشكرون عليه، لكن الناس هنا.. ناس الشارع لدى الكثير منهم صورة ذهنية مسبقة عن أن المثقف هو مجموعة من الجينات المركبة بصعوبة يتحدث عن شؤون بالغة التعقيد ويثرثر عن أشياء ليست من أولوياته. فيقول راسما علامات التعجب: «ما شأني أصلا بالتفكيكية والبنيوية؟ بل ما دخلي بقراءة كتاب ذي لغة موحشة كتبه أحدهم قبل عشرة قرون؟ فأنا رغم أني أصنف نفسي مثقفا أي أتحدث بشكل جيد وأكثر من كلمات: ربما / حيثما وختمت قراءة كتاب «لا تحزن» لكن مشاركتي بفعالياتهم كمعرض الكتاب مثلا تأتي لغرض الاحتفال أو تسجيل حضور وحسب، كعادتي عند أي تجمع لزملائي البشر الذين يشاركونني الفضول ذاته بأماكن أخرى كحوادث السيارت أو افتتاح المولات، فيا رجل فض تلك السيرة المزعجة وقل لي: أين ستحضر مباراة هذه الليلة؟» أ.ه الجدير بالخيبة وربما يفسر حالة رجل الشارع أعلاه أني وقبل ساعات كنت بأحد شوارع الرياض الشمالية الشرقية والذي أستخدمه خلسة للهرب من الاختناق المروري، إلا أن حظي بدا رماديا فالشارع كان مكتظا بالسيارات، قلت بنفسي: الله يستر.. أكيد حادث، أو أن أحدهم اكتشف للتو أنه لم يحتفل كما ينبغي باليوم الوطني. قبل أن أسال أحد المصطفين بجانبي والذي بدا متحمسا: عسى ما شر؟ قال لي: «ما تعرف! الشاعر بن شلخاط حاضر الليلة.. أمّا ما تعرف؟ قل ما تعرف! تجاوزت الجموع وأنا أردد: بل أعرف الآن عن أي حادثٍ ثقافي تتحدث!.