للدراما دور مهم في التسويق للثقافات والترويج لعدد من المفاهيم والقيم التي تقدمها والتأثير سلبا وإيجابا على المشاهد الذي أثبتت بعض الدراسات أنه يتعامل مع ما يراه على الشاشة بانفعالات تكون العاطفة هي المحرك الأساسي لها، بل نشأت في عدد من البلدان المتقدمة دراسات كثيرة حول تأثير الدراما على المتابعين، ولعلنا في الآونة الأخيرة نشاهد انفتاحا جديدا من صناع بعض القنوات الفضائية العربية تجاه الدراما الإيرانية رغم خطورة الموقف إذا ما قسنا الأمر بنفس ردة الفعل التي عاشها المجتمع مع الدراما التركية والتي من أبسط تأثيراتها الملموسة أنها روجت للسياحة في تركيا، وعرفت البعض بالبيئة التركية وأحدثت تقاربا كبيرا بين الثقافتين، ومن خلال الدراما الإيرانية سيجد الناس أنفسهم ينشغلون بقضايا لا تهم واقعهم وينغمسون في ثقافة تحمل وراءها أبعادا يعرفها الكثيرون منا خاصة أن السياسة أصبحت تلعب دورا مهما في حياتنا وجزءا من الهم اليومي للناس، وبغض النظر عن الربح المادي الذي ستحققه هذه القنوات من عرضها للدراما الإيرانية ذات التكلفة البسيطة إلا أن الأمر أبعد من ذلك ولعل ما يؤكد أمر تأثير الدراما خطورة ما ذهب إليه الدكتور سلمان العودة في برنامج «حجر الزاوية»، عندما أكد أن الدراما أيا كانت لها تأثيرات تربوية كبيرة في بناء القيم، فضلا عن تأثيراتها الاجتماعية والنفسية والإعلامية، مشيرا إلى أنه بغض النظر عن كل ما يحدث فإنه من المؤكد أن الدراما اليوم هي اللاعب الأول فيما يتعلق بالشاشة، حيث تحظى بأعلى نسبة مشاهدة، وهذا معروف عالميا، وحركات التسويق والإعلان المصاحبة لهذه الأعمال والدراسات نفسها تؤكد أن الجمهور الأعظم من المشاهدين في العالم كله وفي العالم العربي أيضا هم الذين يشاهدون تلك الأعمال الدرامية. وعن الدراما الإيرانية ودخولها إلى البيوت العربية تحدث الدكتور عبدالرحمن النامي أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الذي ذكر أنه تابع بضع حلقات لأحد هذه الأعمال واكتشف أن بها عددا من المخالفات العقائدية من خلال المبالغة في تجسيد شخصيات الأنبياء مثل تناولهم للنبي يعقوب والنبي يوسف عليهما السلام وهذا يتعارض مع الثوابت الدينية والإعلامية، وبين أن إيران تحاول من خلال قناة الدراما المدبلجة أن تتوسع ثقافيا واستفادت من التقنية لبث رسائلها والتي كان من أهمها هي تغيير بعض الثوابت مثل الخليج العربي الذي تكرس له مصطلح «الخليج الفارسي»، «نحن لا ننكر أن الثقافة الإيرانية ثقافة عريقة ولسنا ضدها بل ضد تغيير القيم والثوابت والأدلجة». وأوضح النامي الذي تحدث عن مشاهدة ودراية بمضمون القناة الإيرانية التي تستهدف الشعوب من خلال الدراما أنها تحاول إقحام الرؤية السياسية في كثير من الجوانب وتحاول أن تخفي كثيرا من المشاكل الموجودة بداخلها من خلال إقناع العالم بانفتاحها وتطورها، «تريد من المشاهد أن يغض الطرف عن الأزمات ويتعلق ذهنه بالدراما». وحذر النامي من تعلق النشء بنجوم هذه الأعمال التي يحاولون من خلالها تقديم أنفسهم بالصورة التي رسموها، وأوضح أن البحث عن الربحية من القنوات حق مشروع لهم في شراء المنتجات التي يرون أنها مربحة لأنها لم تؤسس إلا لتدر الربح ولكن عليهم مراعاة القيم، «مشكلة كثير من قنواتنا أن ملاكها لا يقومون عليها بصورة رئيسية، والموجودون فيها لا يستطيعون فلترة ما هو جيد وما هو رديء والأيام أثبتت ذلك ويجب مراعاة الكسب والتوعية». من جهته أوضح الدكتور صالح الرميح أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود أن مكمن الخطورة يدفعنا في طرح تساؤل قبل إطلاق الحكم حول تأثير الدراما، «هل هذه الدراما من الأساس مؤدلجة أو غير ذلك؟»، وأكد الرميح أن المجتمع تفاعل مع الدراما التركية في الفترة السابقة كونها شيئا جديدا وغير مسبوق، موضحا أن الدراما الإيرانية دراما إسلامية، والثقة موجودة في القائمين على القنوات بأنهم لن يسمحوا بوجود أي تجاوزات في المواد المرئية المطروحة، «لا أشكك بل متأكد أن القائمين على محطاتنا الفضائية وضعوا في الحسبان البعد الاجتماعي والسياسي، ولن تمر عليهم تلك المواد». وذكر الرميح أنه يجب أن نرى هذه الأعمال بتركيز حتى نعرف هل تحمل توجها معينا أو لا؟! مبينا في الوقت نفسه أن جميع الناس يتابعون أفلاما أجنبية عادية ولم تؤثر فيهم لأنها لا تحمل أفكارا إيديولوجية، «نحن نعيش في زمن أصبحت فيه كثير من الدول لديها قنوات فضائية تبث البرامج المؤدلجة، وبإمكان الشخص الذي يحمل توجهات معينة أن يذهب إلى تلك المحطات لأنه سيجد الفضاء مفتوحا أمامه». واختتم حديثه بإشادته بالقنوات التي تحرص في رسالتها على مراعاة القيم والثوابت الإسلامية .