عندما استخدم المسرح عام 1920 هذا المصطلح الذي يسمى ROBOT كان يعني ما يرمي إليه الإنسان حينها من رؤية للعالم يتحرك، ليس بتوقعات مسبقة كما يفعل المفكرون، بل وفق برمجة مقصودة سابقة تدعى «سخرة» كما هو حاصل اليوم حولنا جميعا حين تسترعينا تنبؤات من نظنهم فاهمين وهم في الحقيقة وارثون. نحن في مصيبتنا الفلسفية الحالية المخزية نحذو حذو «روبوت» امتلأ بشرائح الأوامر والعمليات والبيانات دون وعي أو بوعي منقاد، وندرك تماما أننا لا نستطيع أن نحيد قيد أنملة عن تلك البرمجة التي تستمد التحديثات آليا «بريموت» طويل المدى قادر على إطفاء صلاحيتنا في أي لحظة شاءها. ليست انهزامية قط هذه الدائرة التي أجول فيها بعيني من يرى الدنيا كما أراد لها «الإنترنت» أن تكون، وأسعى لكي أوفر لأحفاد أحفادي خريطة كنز مفقود قد يجدونه في «روبوت» يكتب عني بعد أن أموت ويدون في مدونتي الأثرية بعد أن أغيب عن هذه الدنيا!. ولم لا ونظرية «الشيء الآلي» مسيطرة على كل الطرقات. بالإمكان إذن، أن أجد طريقا لجمع كافة البيانات من الآن، وتقصي كمية هائلة من الاحتمالات والبدائل والتوقعات، وتسجيل ملايين الملاحظات في فهرسة تسمح لي مستقبلا بمعالجة هذه الحصيلة من المعلومات آليا وحقنها بكثير من المنشطات والهرمونات التي تغذي ولادة الكلمات وتمد الكتابة بالتتابعات. أعرف أني سأقضي وقتا طويلا ألهث خلف برامج التنصيب وتسارعات التحديث وتنزيل التثبيتات الجديدة وملاحقة الإصدارات المتلاحقة لتنصاع لي التقنية الحديثة فيما أرجوه آخرا أن يكون في القرص الصلب مدخل لشريحة بيانات تعمل مثل «الروبوت» وتحمل اسمي وتفكيري وطريقتي في الإسهاب والإطناب والتطويل.. ربما لو وجد «ابن خلدون» أو «أحمد بن حنبل» من يجمع شتات ما قيل عن أحدهما أو كليهما بمعالجة بيانية توازن بين التقنية والرغبة في «الاستنساخ» لعثر أحدنا في الأسواق يوما على «عنترة بن شداد» و«توفيق الحكيم» على شكل «روبوتات» تفيد في علاج قضايا آنية مقارنة بعصور عاش فيها مثل هؤلاء. متأكد أنا أن الذي استطاع أن يجمع هذا التحدي الصارخ لكرة القدم الواقعية في ألعاب إلكترونية تنقلك إلى سحر «بيليه» وشجاعة «فان باستن» وتقليعات «ماردونا» يستطيع أن يأتي بك يوما إلى ملعب حقيقي في «كوريا» أو«الصين» لتشاهد مباراة للأرجنتين يلعب فيها «رفيلينو» ويطرد فيها «زيكو» بكرت أحمر من الحكم «الروبوت»!. لو بحت لمجموعة الأجهزة التي أتعامل معها تقنيا بكل أسراري الحالية كما أفعل الآن، وأخبرتها بكل أسراري الماضية كما هي النية بعد الخرف، وناجيتها بسرد مفصل لتحليلي الشخصي لنفسيتي طول حياتي، وأعطيتها أمثلة لرأي الناس عدوهم وصديقهم ومحايدهم في شخصي وحرفي ووصفي، أعتقد أنها ستستجيب للفضول وستحتفظ بالكل ويوما ما ستخرج هذه التفاصيل للناس على شكل «روبوت» يدون هنا. إن التشخيص حالة إنسانية يعمد إليها المبدعون حين يرغبون في إيصال أفكارهم بأيسر الطرق وأذكى الأساليب، وما هذا الذي يفعله مخرجو السينما وكاتبو السيناريوهات المسرحية أو التمثيلية إلا جمع لبيانات في عقولهم وتفكيرهم أظهرت الشخصيات الغائبة عن التصور بهذا الشكل أو الشخصيات المقروء عنها بهذه الهيئة. وألوان الفن التشكيلي بفروعه وسياساته هي ذاتها تجسيد وتشخيص لما يحمله صاحب هذه الريشة أو ممسك تلك الفرشاة من فلسفة عن واقع يعيشه أو خيال يتخيله بناء على معطيات سابقة مثلت «روبوت» إنتاجه، وكذلك هم السياسيون عندما يبتكرون نقلة نوعية لشعوبهم من شعوب تتنفس الهواء إلى شعوب يمسك الوالي «بريموت» التحكم فيها الذي صنع ليحمل «زرا» واحدا هو الإسكات. أعود لأقول إني أحلم بأن أحيط بكل تفاصيلي الصغيرة والكبيرة والعابرة والدائمة لأدونها وأوثقها تمهيدا لأن تعرض علي شركة عملاقة في «اليابان» مشروع «المدون الروبوت» الذي سيستمر في الكتابة والتشريق والتغريب مئة عام أو يزيد دون أن يكون لي حينها دور سوى مشاهدة ذاتي في مرآة الاختراعات. والجميل في الأمر أن «الروبوت» يعتمد قسرا على المنطق والمعادلات الصحيحة والتعليمات الواضحة والاحتمالات المبرمجة فلن يحيد عن خط رسم له ولو طال به الزمن أو هجرته حبيبته «الروبوتة» أو هشمت الشرطة «روبوت» مواطن في قارعة الطريق، فلا فلسفة ولا خروجا عن النص ولا هم يحزنون، وبذلك أضمن لمدونتي الاستمرار وعدم الحجب. الهم الأكبر الذي لم أقرر بعد ماذا سأفعل تجاهه هو «في يد من سيكون الريموت» فتلك مشكلة لم تخطر ببالي إلا حين استيقظت من حلمي هذا ووجدت آلاف «الريموتات» بأيدي أشخاص لم يسمعوا يوما «بالروبوت» فسجلت في وصيتي أن ارموه في البحر! .