رغم كل التحذيرات الطبية والحملات التوعوية إلا أن تدخين المعسل لا يزال متفشيا بين الشباب خاصة مع لجوء مصنعي التبغ إلى إضافة المزيد من النكهات الطبيعية «قشور الفاكهة المخمرة والمعالجة بالدبس الأسود أو الجلسرين» من أجل جذب المزيد من المدخنين وإيهامهم بأن ما يدخنونه هو قليل من التبغ وكثير من الفاكهة، بينما كان الأمر مختلفا في السابق، فالتدخين بشكل عام كان يسبب حرجا اجتماعيا ومشكلات أسرية، لكنه أصبح الآن خيارا جاذبا للكثيرين الذين يجدون في تدخين الشيشة جزءا مكملا لشخصيتهم وسط زملائهم وأقرانهم. ويذهب كثير من الشباب إلى الاعتقاد بأن تدخين المعسل أقل ضررا من السجائر بحجة أن الماء الموجود في الزجاجة ينقي الدخان ويرطبه، لكن هذا اعتقاد خاطئ فتجمع الدخان في الزجاجة يعني كميات أكبر من النيكوتين والقطران، كما أن الفحم المحترق يبعث غاز أول أكسيد الكربون والذي يتحد مع الهيموجلوبين في الدم مسببا نقصا في نسبة الأوكسجين في الدم والدماغ. جلسات خاصة مقاهي الشيشة بدورها بذلت جهودا كبيرة في سبيل جر المزيد من الشباب لهواية التدخين بتهيئتها جلسات خاصة لهم في أطراف المدن وضواحيها تتميز بالخصوصية والخدمات السريعة والحديثة كالإنترنت اللاسلكي والفضائيات المشفرة وأنواع المشروبات الساخنة والباردة، حيث بات الشباب يحضرون معهم كمبيوتراتهم المحمولة إلى المقاهي لقضاء الساعات الطويلة ما بين تصفح المواقع وسحب الدخان متعدد النكهات. في أحد مقاهي جدة المنتشرة على طريق المطار كانت أدخنة المعسل والجراك تتصاعد إلى السماء وكأن حريقا قد نشب في المكان، فلا تكاد تميز وجوه الحاضرين، ومعظمهم من الشباب، من كثرة ما ينفثونه من سموم يؤذي صدورهم وتذهب بنضارة وجوههم، بينما يقوم على خدمتهم جيش جرار من العمال، فهناك من يختص بتغيير الرؤوس «الحجارة» وتعميرها بالمزيد من التبغ، وهناك من يجلب الفحم المشتعل، وهناك من يقدم المشروبات. أشكال وألوان عامل المقهى محمد «مصري» ذكر أن لديهم أكثر من 20 صنفا للمعسل بنكهات الفاكهة، ومنها التفاح والفراولة والليمون والبرتقال والعنب والموز والنعناع، إضافة إلى معسلات مخلوطة بنكهات الفواكه وأخرى بماء الورد وغيرها، وهي تجد رواجا كبيرا بين الشباب. بعض الشباب الذين التقتهم «شمس» داخل المقهى كانت لديهم تبريراتهم الخاصة بخصوص لجوئهم إلى تدخين المعسل، ففيصل الشمراني أوضح أنه كان بديلا أفضل من تدخين السجائر: «أدخن حجرين من المعسل مرة أو مرتين في اليوم، أما السجائر فعادة ما تكون في الجيب ونستهلكها بأعداد كبيرة. كما أن المقهى يجمع شمل الأصدقاء لقضاء أوقات ممتعة في لعب البلوت ومتابعة المباريات وتناول بعض الطعام». أكثر ضررا من جهة أخرى أكد استشاري طب الأسرة والمجتمع الدكتور محمد محيا أن تدخين المعسل أكثر ضررا من تدخين السجائر لاحتوائه على نسبة نيكوتين مركزة ويؤدي إلى أنواع متعددة من السرطانات خصوصا الرئة، كما يؤدي إلى التهابات الجهاز التنفسي ومشكلات في القلب وتصلب الشرايين، لذا يجب أن يسارع كل المدخنين للإقلاع عنه نهائيا .