ربما يعتقد البعض أن المكان هنا لعرض وصفات تخفيف الوزن، إلا أن الأمر يتعلق بانتفاخ ذوات البعض الفارغة! حدثتني زميلة -أعلى الله مقامها- عن استعلاء وتكبر البعض لمجرد كونهم في منصب وظيفي، أو لحصولهم على علاوة أو شيء من هذا القبيل. وافقتها الرأي بقوة، فكثيرا ما نرى أن فلانة تصافح الأخريات وهي جالسة في مكتبها، لا تقوم لمن يقبل عليها ولا تبتسم في وجهه، بل تأمر وتنهى في أمر ما عن بعد دون استشارة أو حتى استطلاع المطلعات الواقفات على ذلك الأمر. انتفاخ الذات الذي نشهده هو إما انتصار للذات أو تحقيق لها نتيجة عقدة نقص، وذلك بالاستعلاء وتهميش الآخرين يدفعك للشفقة على هؤلاء، فهم مجرد بالونات منتفخة ستنفجر يوما وتقع وينتهي أمرها. وقد قرأت يوما أن شخصا معروفا عالميا وصل إلى أعلى المناصب وأسرف في استبداده بسبب قصر قامته، ليشعر أنه أفضل ممن هم أطول منه، وفي نهاية الأمر انتكس ومات موتا فظيعا. وفي قصة أخرى أن شخصا من الماضين أوتي منصبا فدخل المسجد الحرام مستعليا وبعد حين رآه أحدهم يسأل الناس في العراق، فسأله عن سبب تبدل الأحوال فأجابه: لقد تكبرت في موضع يتواضع فيه العظماء فأركسني الله! إنها النفوس الضعيفة حين تصل إلى حطام الدنيا ترى أنها العظمى وأن الآخرين صغار، أما النفوس الحقيقية الكبيرة التي ترعرعت على الإباء والرقي فلا تزداد إلا عظمة ولا ترى الناس إلا كبارا عظماء. فما بال البعض لا يتعظ، فما خلدت الدنيا ولا دام زخرفها لشخص قط، فهي منقضية بالية ولن يحمل ابن آدم معه سوى سيرته الحسنة وخلقه الكريم، فالطيبون العظماء بأخلاقهم يبقون في الذاكرة رغم قصر معاشرتك إياهم، سيرسمهم القلب والعقل زهور لوتس على كل مساحة بيضاء وعلى كل قطرة ندى تبتسم للصباح.