لا أعرف بالضبط كم شخصا سيضحك مثلي عند سؤاله عن ثوب العيد؟ هل فصلت ثوب العيد؟ هذا السؤال الذي انسكب علي كالماء البارد، من ابن شقيقتي المقبل على الحياة. رغبة منه كما يبدو في فتح موضوع، وبدء الحديث عنه. غير أنه فتح موضوعا آخر في رأسي. لماذا لم أعد أهتم بمثل هذه المظاهر التي كنت في أشد ما يكون من الحرص عليها والولع بها. هذه ليست دعوة للبكاء كالتي سنها المتنبي منذ مئات السنين. لأننا في واقع الأمر لسنا كالمتنبي لنقول ما قاله عن العيد، ونشعر بمشاعره التي دفعته إلى سؤال العيد عن الفرحة الحقيقية التي جلبها معه. ذلك أن أفراح المتنبي تختلف عن أفراحنا. فالمتنبي مثلا كانت تتمركز سعادته في الحصول على مكانة أو منصب سياسي في الدولة الإسلامية آنذاك. بينما نحن لا يلزمنا غالبا أن نصبح وزراء أو أعضاء في مجلس الشورى، أو مشاهير نملأ الدنيا ونشغل الناس، حتى نشعر بالفرح ولا نبتئس على طريقة الطيب أبو الطيب المتنبي. ابتسموا فقط. وسنشعر بالعيد... لا تتشاجروا في مواقف سيارات مصلى العيد حين تدافعكم للخروج معا في وقت واحد. لا تنكدوا على أبنائكم وزوجاتكم وزملائكم في العمل. وحين تكون زوجا أو زوجة مثلا، لا تفعل شيئا أكثر من أن تمرر هذا اليوم الكبير بفرحته وعظمته، دون الوصول إلى مشكلة، أو نقطة خلاف يحتمل أن يحتدم. أما إن كنت مديرا أو مسؤولا عن مجموعة من العاملين في العيد، فتأكد أن زملاءك لا يرجون منك أي عيدية سوى هدوئك وعدم تذمرك في مثل هذا اليوم المليء بالبهجة والمسؤوليات. فضلا عن الضغط النفسي الذي يمرون به مثلك، فهم أيضا لا يستشعرون مظاهر العيد إلا من خلال الجوال والإنترنت. وفي الغالب لن تجد منهم من ذهب إلى السوق لشراء ملابس جديدة بمناسبة العيد. وحتى إن تذكر أحدهم ثوب العيد عن طريق المصادفة مثلي، فإنه حين يذهب إلى أحد محال الخياطة، سيفاجأ أن أقرب موعد لإنجاز ثوب العيد سيكون بعد العيد. فمن يكون أولئك الناس الذين ما زالوا يتذكرون ثوب العيد في مطلع رمضان؟ أنا لا أعرف منهم أحدا..... ومن العايدين