على ذمة صحيفة «الوطن» عاقبت وزارة التعليم العالي مواطنا «أعلن في صحيفة محلية عن رغبته الحصول على فرصة للابتعاث الخارجي». اختارت الوزارة أن يكون العقاب من جنس العمل. فأدرجت اسم المواطن صاحب الإعلان ورقم هويته «ضمن القائمة السوداء الذين لا يحق لهم الحصول على أي بعثة مستقبلية». وحتى لو كنت ضد إعلان مشابه، فإنني لا أملك إلا أن أتفهم الأسباب التي دعت شخصا ما إلى إعلان رغبته في العثور على من يساعده في إدراج اسمه ضمن قوائم الابتعاث. وعلى الرغم من أن الوزارة قالت إنه ثبت لديها «ان المواطن لا يستحق الحصول على البعثة»، وزادت «إطلاقا»، إلا أنها لم توضح ما هي الأسباب التي دعتها إلى رفض طلب المواطن المعلن، الا ان كان رفضها «القاطع» ليس إلا رد فعل غاضبا على الإعلان. ولو كنت في موقع مسؤولية في الوزارة – ولو من عمل الشيطان- فإن إعلانا مشابها سيثير لدي الكثير من علامات التعجب والاستفهام: ثمة شخص تجرأ ليعلن عن طلب واسطة في الوزارة التي أعمل بها. مؤكدا أنه يعرف حالات كثيرة حركت الواسطة ملفاتهم، لكن المسكين لا يعرف لا واسطة ولا خارطة ولذلك تقدم بهذا الإعلان الغريب العجيب. وإن تعجب، فعجب ادعاء البعض ثوب النقاء والطهارة، والحمية في غير محلها. إذ يعرف القاصي والداني أن «الواسطة» أصبحت مكونا أساسيا في نسيجنا. وأمرا يشبه في ضرورته الماء والهواء. لكن، وكأنني بصاحب قرار العقاب يقرص أذن المعلن وهو يهمس له غاضبا «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان يا بؤبؤ عيني». إذا ما أردنا أن نعاقب شخصا مسكينا، فأولى أن نولي بالعقاب الشديد أي موظف مستهتر أو متغطرس، يلجئك قسرا إلى البحث عن واسطة، أو آخر يقضي ثلاثة أرباع وقت دوامه في تحريك معاملات الأقارب والمعارف والجيران ومن له معهم مصلحة على حساب معاملات لا واسطة لها ولا بطيخ. حينها فقط لن نجد شخصا يبحث ولا يعلن في الصحف: «مطلوب واسطة عاجلا».