في بحثه عن الحقيقة تعرض إلى الكثير من المتاعب، لكنه لم يستسلم أبدا حتى وصل إلى اليقين فخاض من أجله معارك مدوية ضد قوى لم يكن غيره ليجرؤ على الاقتراب منها. ولد روجيه جارودي، في 17 يوليو 1913 في مرسيليا، وقضى خدمته العسكرية في الجزائر حيث اقترب من الإسلام للمرة الأولى وخلال الحرب العالمية الثانية أخذ أسير حرب لدى الألمان، وانتخب بعد الحرب نائبا في البرلمان ثم حصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون عام 1953 وفي عام 1954 حصل على الدكتوراه في العلوم من موسكو، ثم انتخب عضوا في مجلس الشيوخ، وفي عام 1970 أسس مركز الدراسات والبحوث الماركسية وبقي مديرا له لمدة عشرة أعوام. في عام 1970 أيضا، طُرد جارودي من الحزب الشيوعي، لانتقاداته المستمرة للاتحاد السوفيتي، فحاول أن يجمع الكاثوليكية مع الشيوعية، ثم ما لبث أن اعتنق الإسلام عام 1982 حيث غير اسمه إلى رجاء، وذلك بعدما وجد أن الحضارة الغربية قد بنيت على فهم خاطئ للإنسان. وبعد مذبحة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في لبنان أصدر جارودي، مع مجموعة من المفكرين بيانا نشرته صحيفة «اللوموند» في 17 يونيو 1982 بعنوان «معنى العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان». وكان هذا البيان بداية صدام جارودي مع المنظمات الصهيونية التي شنت حملة ضده في فرنسا والعالم». وبعد نشره كتابه الأشهر «الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل» شنت الجماعات اليهودية الموالية لإسرائيل حملة تشهير ضده انتهت بإصدار حكم بتغريمه 20 ألف دولار، بتهمة التشكيك في محرقة اليهود. وعلق جارودي على حملة المنظمات الصهيونية ضده قائلا: «أعتقد أن ما أزعجها ثلاثة أشياء جوهرية هي: أولا: أني فضحت في الفصل الأول التعاون في أثناء الحرب العالمية الثانية بين هتلر وقادة إسرائيليين أصبحوا فيما بعد قادة دولة إسرائيلية. ثانيا: أني فضحت فرقة «البيتار» التي بقيت حتى عام 1938 أي بعد خمسة أعوام من وصول هتلر إلى الحكم، وكان لها الحق في ارتداء زيها وحمل علمها في ألمانيا الهتلرية. ثالثا: فضحتُ قضية قتل «الإنجليز» «شترن» رئيس مجموعة «شترن» التي كانت تحارب ضدهم، وكيف تم استبداله بقيادة سياسية ثلاثية كان إسحاق شامير واحدا منها، وكان فتيا حينها...ولقد نشرت في كتابي عن فلسطين الرسالة التي كان شامير يعرض فيها تعاونه العسكري على هتلر، معترفا بتماثل رؤيتهما في طرد الإنجليز من فلسطين». آمن جارودي أن الإسلام ليس مجرد دين يختلف عن بقية الأديان فحسب، بل إنه دين الفطرة السليمة، كما آمن أن الإسلام مكنه من بلوغ نقطة التوحيد. أصدر جارودي العديد من الدراسات المهمة عن الإسلام، ومنها: «وعود الإسلام» و«الإسلام دين المستقبل» و«المسجد مرآة الإسلام» و«الإسلام وأزمة الغرب»، علما أنه نال جائزة الملك فيصل العالمية عام 1985 عن كتابه «ما يعد به الإسلام».