أكد الشيخ الدكتور غازي الشمري أن الهدف من إنشاء لجنة التكافل الأسري بإمارة المنطقة الشرقية، هو إصلاح ذات البين بين أفراد الأسرة الواحدة، والمساهمة في بناء مجتمع متماسك من خلال حماية الأسرة من التفكك. وقال في حوار مع «شمس»: إن هذه اللجنة هي الأولى من نوعها على مستوى المملكة. ونصح الشيخ الشمري الشباب الذين يسافرون للخارج بتقوى الله، والبعد عن الفواحش لأن عواقبها تكون وخيمة، مطالبا الأزواج في الوقت ذاته بتوجيه عواطفهم في الاتجاه الصحيح حتى لا تتعرض الأسر لمشكلات كبيرة نتيجة للفراغ العاطفي الذي تشعر به الزوجات في بعض الأحيان. وأضاف مخاطبا الزوج الذي ينسى حقوق زوجته ويسعى للمتعة خارج منزله: اتق الله، فكما تدين تدان. وخلال الحوار تطرق الشمري لعدد من القضايا المهمة، مثل ظهور الدعاة في وسائل الإعلام، والطريقة المثلى لحل الخلافات الزوجية، ورأيه في جمعيات التزويج التي ظهرت أخيرا.. فإلى نص الحوار: ما المهام التي تضطلع بها لجنة التكافل الأسري بإمارة المنطقة الشرقية؟ وما أبرز الإنجازات التي حققتها منذ نشأتها؟ الأهداف التي نريد تحقيقها هي: نشر الوعي بين أفراد المجتمع بأهمية الترابط الأسري، وتحقيق الأمن الاجتماعي من خلال تفعيل مبدأ التكافل الاجتماعي، وتبصير الرجل والمرأة بحقوقهما وواجباتهما، وحل المشكلات الأسرية بسرعة وفاعلية، وحماية أفراد الأسرة من ظلم بعضها لبعض، والعمل على إصلاح ذات البين بين أفراد الأسرة الواحدة، والمساهمة في بناء مجتمع متماسك من خلال حماية الأسرة من التفكك. أما المهام فهي: الإشراف على الحالات الأسرية الطارئة والعمل على حلها، ودراسة الحالات الأسرية المستعصية، واقتراح الحلول بشأنها، وتقديم المعالجة المناسبة للحالات التي تحال من قبل المحافظة بالتنسيق مع رئيس اللجنة، والتنسيق والمتابعة مع الجهات ذات الاختصاص بشأن معالجة القضايا الأسرية بالمنطقة بالتنسيق مع رئيس اللجنة، والسعي إلى معالجة المتضرر نفسيا واجتماعيا لإعادة إدماجه في المجتمع. سطع اسمك على خريطة التوعية الأسرية.. ما الدافع الذي حدا بك إلى ولوج هذا المجال؟ عندما أتكلم عن الأسرة، أتكلم عن أمي وأبي وأختي وزوجتي، والحقيقة أني وجدت اهتماماتي في هذا المجال، عندما وجدت أغلب الاهتمامات الموجودة.. في المساجد وفي الطرح الموجود، وشرح كتب العقيدة، والتفسير، والحديث، والتوحيد، والفقه، لكن لم أجد اهتمامات في جانب الأسرة، ولا شك أنه بصلاح الأسرة يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد المجتمع، وفي الحقيقة لم أجد هذه الاهتمامات إلا في الدول المجاورة، ومنها بدأت أقرأ وبدأت أبحث، وبدأت ألتحق ببعض الدورات الاجتماعية والأسرية، ثم وجدت نفسي أنمو يوما بعد يوم، وبفضل الله لما وفقت في عملي في إمارة المنطقة الشرقية كرئيس للجنة التكافل الأسري، والمستشار الأسري للإمارة، وبكل تأكيد كل هذه الدوافع أدت إلى زيادة حرصي واهتمامي، والحمد لله ساهمت في إنشاء أكثر من 13 مركزا أسريا في المنطقة الشرقية.. وهذا جعلني أهتم أكثر فأكثر. ما رأيك في مراكز التوفيق بين راغبي الزواج في مجتمعاتنا؟ ولماذا ظل هذا الدور خافتا منطفئ الوهج؟ أنا أؤيد تلك المراكز وتلك الجمعيات التي تهتم بالتزويج، ولا سيما أن بعض الأسر لا تستطيع أن تذهب أو تخرج أو ربما لا أحد يعرفهم، فهذه الجمعيات والمراكز تقوم بعملها في سرية تامة ولوجه الله، وهم يوفقون بهدوء ويتجنبون ما يحرج الطرف الآخر. والحقيقة أنا متفائل بتلك الجمعيات.. وكما قلت أولا أنا أؤيدها. من خلال خبرتكم في معالجة المشكلات الأسرية.. ما هي أبرز أسباب المشكلات الزوجية والتربوية؟ أولا.. لا بد أن نعرف أنه لو خلا بيت من المشكلات لخلا منها بيت النبي محمد صلوات ربي وسلامه عليه، والمشكلات لا بد أن تكون ولا بد أن تقع، لكن علينا أن نحلها بهدوء وبروية، ولكي يكون الخلاف بين الزوجين مفيدا وجادا ينبغي ألا يصبح مجرد فرصة للتفريج عن النفس وإفراز نواتج الضغط والتوتر لدى طرف على حساب الآخر، أو أن يصبح التنازع هدفا لتحطيم معنويات الآخر وإهانته، أو وسيلة لإظهار سلطة أحدهما على الآخر، فمثل هذه الخلافات تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها.أما الخلافات الجادة والنافعة فهي التي تتيح للطرفين فرصة للاتصال الفعال، والحوار الجاد، وتشكل مجالا لإظهار الانفعالات الذاتية دون إلقاء اللوم على الآخر، ودون محاولة إلصاق أسبابها به. هل من مواقف طريفة مررتم بها من خلال عملكم في ميدان الاستشارات الأسرية؟ من المواقف الطريفة أن بعض الأخوات لم أتمكن من الرد عليهن، فيتصلن على البيت ويكلمن أمي ليوسطنها عندي، وأمي امرأة كبيرة في السن ربما لا تفقه في بعض الأمور، فيكون في ذلك نوع من الإحراج، وأيضا حينما أكون في السوق مع الأهل تأتي امرأة وتقول أنا عندي مشكلة ممكن آخذ رقمك أو ممكن أستشيرك؟ فهذا ولا شك يحرجني أمام الموجودين في مثل هذا المكان. ما سبب ظهورك وعدد من الدعاة في وسائل الإعلام بشكل مكثف؟ سبب مشاركتي أنا وزملائي الدعاة في الآونة الأخيرة، هو أننا عرفنا أن الإعلام هو السلاح الفاعل بين فئات المجتمع، سواء كان فضائيا أو مقروءا، فالداعية يستطيع من خلال وسائل الإعلام دخول أي بيت. وقد حرص بعض الدعاة على الظهور حتى لو كانت القنوات الفضائية غير محافظة، وذلك لتحقيق الهدف الذي نسعى لأجله. هل ترى أن رياح العولمة المتهمة باستهداف الهويات والثقافات قد جاءت لصالح الدعوة الإسلامية؟ كلا لا أرى ذلك، فالإسلام بفضل الله صالح في كل مكان وزمان. والله تعالى حفظ لنا هذا الدين وكما يقال «لا يصح إلا الصحيح» وفطرة الإنسان السليمة تجعله يتعايش في كل الحضارات والأماكن والأزمان، ويستطيع التأقلم معها. هل تتذكر أعداد من أسلموا على يد مشايخك؟ لا أذكر العدد بالتحديد ولكن ولله الحمد الذين أسلموا كثيرا، سواء من الأجانب الذين يقيمون بالمملكة أو من خلال المحاضرت التي ألقيها بالخارج. ما هي أبرز المواقف التي قابلتك في هذا المجال؟ من المواقف التي لا تزال عالقة بذهني أن امرأة إيطالية دخلت الإسلام بسبب وردة كنت أحملها. حيث كنت موجودا بإيطاليا لإلقاء المحاضرات والدروس الأسرية والاجتماعية للجاليات المسلمة، وأثناء جلوسي في بهو الفندق الذي أقيم فيه مع عدد من الحضور وبعض الإيطاليين «رجال ونساء» كنت أحمل وردة حمراء، وألتقط صورا مع بعض الحضور وكنت أقول للحاضرين: لا مانع من أي أحد فينا أن يتصور مع الورد ويهدي هذه الصورة إلى زوجته الحبيبة، وأوضحت للحضور أن لهذه الصورة تأثيرا عجيبا جدا، وفيها تواصل ومحبة تفوق الواقع، وكان هناك عدد من النساء الإيطاليات يشاهدن هذا الموقف وتعجبن منه وتساءلت إحداهن: لماذا الشيخ يتصور مع الوردة؟ فبينت لها عن طريق المترجم أن هذا ما نفعله مع زوجاتنا، حيث نرسل لهن الصور، وتساءلت المرأة: هل الإسلام أمركم أن تفعلوا ذلك مع زوجاتكم؟ فأجبتها أن الإسلام أعظم من ذلك، وأن المرأة لها من زوجها التقدير والاحترام والمحبة وتقديس الحياة الزوجية وعدم الخيانة وعدم الضرب. والتفتت السيدة الإيطالية إلى الرجال الإيطاليين الموجودين وقالت: ليتكم تعملون مثل ذلك. ثم أضافت: من هنا أعلن إسلامي أمامكم وأدخل الإسلام برضا، فصفق الجميع وكبروا وعلى الفور أهديت هذه السيدة كتابا مترجما باللغة الإنجليزية عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم لتتعرف أكثر على الإسلام. ألا ترى أن إتقان لغة أو لغتين أجنبيتين، ضروري للداعية؟ يجب على الداعيه التعلم والتثقف وفهم ثقافات وحضارات الشعوب لأن العلم في تقدم والعالم يتطور وأنا شخصيا أجيد اللغة الإنجليزية، وقد درست اللغة الإنجليزية بأحد المعاهد ولدي رغبة جامحة في الالتحاق بإحدى الأكاديميات خارج المملكة لتعلم لغات أخرى. فتحت أخيرا ملف حصول الدعاة على أجر نظير أنشطتهم الدعوية، من كنت تقصد بذلك؟ وكم يتقاضى الدعاة؟ لم أكن أقصد داعية بعينه، إنما تحدثت عن القنوات الربحية التي تكسب من وراء استضافة الدعاة عبر الإعلانات ونحوها، فنحن عندما نأخذ منها، نطلب شيئا معقولا وليس مبالغ كبيرة كما تتصور. لجأ لكم شاب مبتعث بأستراليا ومصاب بمرض الدهش. حدثنا كيف تتعاملون مع مثل هذة الحالات؟ نعم تلقيت اتصالا من هذا الشاب الذي أبدى ندمه على ما فعل، وأنا أطالب بضرورة تثقيف الشباب والشابات حول مغبة التهور عند السفر والوقوع بالفواحش. كما أوجه تحذيرا إلى المواطنين من التساهل في الوقوع في المحرمات، خاصة ونحن في فترة الصيف حيث يكثر السفر إلى الدول الأجنبية ويقع بعض الشباب هداهم الله في المحرمات.. عليهم أن يعرفوا أن «لذة ساعة قد تعقبها حسرات»، فذلك قد يتسبب في نقل الأمراض الجنسية إلى الزوجات. كما أناشد وزارة التعليم العالي بتوفير مستشارين نفسيين واجتماعيين في سفارات المملكة في الخارج، فالكثير من الطلاب بحاجة ماسة إلى التوعية والتوجيه الصحيح والوعظ الديني. وما هي أبرز قضايا الطلاب المبتعثين بالخارج أثناء لقائك بهم هناك؟ من خلال زياراتي للدول الأجنية التقيت بالكثير من الطلاب المبتعثين، وهم بحاجة ماسة إلى مستشارين شرعيين ومستشارين اجتماعيين ونفسيين لحل بعض المشكلات التي يتعرضون لها في غربتهم. كلمة أخيرة؟ أقول: جزاء وفاقا يا أيها الأزواج خاصة والعياذ بالله من يقع في الحرام.. أنا أذكر امرأة اتصلت تقول: أنا من أسرة محافظة وطيبة ولكن الفراغ العاطفي الناتج عن بعد زوجي عني، جعلني أذنب، ولأنني أعلم أنه يقع في الحرام، وقعت أنا به، وأتيت مرة للبيت في الساعة ال 12 في منتصف الليل وبعد ساعات أتى زوجي وعلى ملابسه آثار نساء.. روج وحمرة وما إلى هذا، فعرفت أنه كما تدين تدان، فلننتبه من هذه القضية، ولا بد أن نعطي العاطفة في وجهها الحقيقي وجهها الصحيح الذي يحبه الله ورسوله. وأشكر «شمس» على إتاحة هذا اللقاء، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى كل خير .